In In Arabic - بالعربي

مدى مصر ـ

في حضور رموز المعارضة الذين غابوا عن المشهد الرسمي والإعلامي خلال السنوات التالية لعام 2014، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، خلال إفطار الأسرة المصرية، عن الأزمات السياسية والاقتصادية التي واجهت البلاد منذ ثورة 25 يناير، قبل أن يصدر عدة قرارات أبرزها تكليف إدارة المؤتمر الوطني للشباب، بالتنسيق مع التيارات السياسية والحزبية والشبابية «كافة» لإدارة حوار سياسي، على أن ترفع نتائجه إليه، متعهدًا بحضور المراحل النهائية منه.

وكشفت ثلاثة مصادر سياسية لـ«مدى مصر» أن الترتيب لحفل الإفطار وجلسات الحوار المقرر عقدها بعد عيد الفطر، بدأ بعقد قيادات بجهاز سيادي عدة لقاءات قبل وبعد إفطار الأمس مع عدد من أفراد القوى السياسية والحزبية وعلى رأسهم حمدين صباحي وآخرين لمطالبتهم بحضور حفل الإفطار والمشاركة في الفعاليات الرسمية للدولة خلال الأيام المقبلة، وهو ما قابله صباحي والقيادات الحزبية الأخرى باشتراط خروج المعارضين السياسين من السجون وعلى رأسهم حسام مؤنس عضو حزب التيار الشعبي، وزياد العليمي عضو حزب المصري الديمقراطي، والصحفي هشام فؤاد، والمحامي محمد الباقر، والمدون محمد أكسجين وآخرين، وهو ما أبدى ممثلو الجهاز السيادي استجابة له بشرط أن يلتزم كل من سيفرج عنه من النشطاء الصمت وعدم توجيه الانتقادات للسلطة.
وأوضح أحد المصادر ممن جضروا الإفطار، بعدما طلب عدم ذكر اسمه لـ«مدى مصر» أنه عقب حفل إفطار أمس، عقد اجتماع مغلق جمع قيادات بالجهاز السيادي وكل من حمدين صباحي وخالد داوود وجورج إسحاق وطارق العوضي وفريد زهران للحديث عن الإجراءات المقبلة وجدول أعمال جلسات الحوار وخروج المساجين السياسيين، وهو ما تبعه الإعلان عن إعادة تفعيل وتشكيل لجنة العفو الرئاسي، التي سبق وشكلها الرئيس في أكتوبر 2017، لتضم  المحامي طارق العوضي، وكمال أبوعيطة القيادي بحزب الكرامة إضافة إلى أعضائها القدامى محمد عبد العزيز، وطارق الخولي عضوا مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، وعضو لجنة الإنقاذ الأسبق، كريم السقا. 

وهو ما اعتبره المصدر خطوة من السلطة للاعتماد على قيادات وكوادر سياسية جديدة لإدارة المرحلة القادمة السابقة على الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024، فيما اعتبره مصدر آخر «وسيلة لتهدئة الوضع والرأي العام لأننا داخلين على أزمة اقتصادية وزيادة كبيرة في الأسعار»،لافتًا إلى أن الإعلان عن تشكيل جديد للجنة العفو الرئاسي تزامن مع عدم حضور رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، للحفل، وكان السادات يتوسط بين القوى السياسية المعارضة والسلطة في مسألة الإفراج عن المساجين السياسين في الآونة الأخيرة.

وقال الصحفي والمعتقل السابق، خالد داود لـ«مدى مصر»، إن منطلق الحوار هو «تقوية الجبهة الداخلية» في ظل مرور مصر بظروف استثنائية جرّاء تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، فضلًا عن أزمات إقليمية مثل ليبيا وفلسطين والسودان. 

ولإثبات حسن النية، طالب داود الجهات الأمنية بالإفراج عن قائمة تضم 33 اسمًا، من بينهم 25 مسجونًا احتياطيًا، وثمانية صدر بحقهم أحكام مثل حسام مؤنس وزياد العليمي وعلاء عبد الفتاح ومحمد أوكسجين وأحمد دومة وفاطمة رمضان. 

وأوضح داوود لـ«مدى مصر» أنه منذ خروجه من السجن منذ نحو عام حتى الآن يسعى للإفراج عن معتقلين الرأي من خلال التواصل مع الجهات المعنية لتحقيق ذلك، لكن كان أثر هذه المطالب بطئ للغاية، مضيفًا أنه سبق وتلقى دعوات رسمية مماثلة على مدار العام الماضي، لكنه رفضها، مطالبًا بـ«بادرة تثبت أنهم جادين». هذه البادرة اعتبرها داود إخلاءات السبيل الأخيرة عن 41 سجينًا، وعليه وافق على تلبية دعوة الرئاسة بحضور الإفطار. 

وخلال حفل الإفطار، تطرق داود خلال حديثه مع الجهات الأمنية المعنية، إلى ضرورة إطلاق سراح سجناء الرأي، وأن يكون الحوار الوطني قاصرًا على الفاعلين «ميبقاش مدعو فيه مئات الأشخاص علشان نقدر نتكلم ونطلع بحاجة حقيقية»، فضلًا عن خروج الحوار بأجندة محددة ولها نطاق زمني واضح، بالإضافة إلى فتح مجال لحرية الصحافة وإيقاف حجب المواقع الصحفية. 

فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وأحد المدعوين لحفل الافطار، قال في بيان، اليوم، إن الإفطار مع الرئيس ضمّ شخصيات بارزة من المعارضة المصرية، وهو ما يودّ أن يكون «بداية حقيقية لفتح المجال السياسي و وضع المعارضة في مكانها الصحيح في الحياة السياسية». 

وطالب زهران في البيان، أن يترتب على تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي أشار لها الرئيس، إصدار عفو لكل المحبوسين على ذمة قضايا الرأي. ودعا للحد من استخدام العقوبات السالبة للحرية، وتعديل قوانين الحبس الاحتياطي، وعدم استخدامه كعقوبة، «لتصبح الحرية حق لمن لم يرتكب جريمة ولم يتورط في عمل إرهابي بالتنفيذ أو بالتحريض». كما رحب بالحوار الوطني، معتبرًا أنه خطوة نحو «ما طالب ويطالب به دومًا» حسبما قال من ضرورة الاستماع لكل الآراء وإتاحة الفرصة للمشاركة في صناعة قرارات يتحمل مسؤوليتها الجميع. 

ومن جانبه، توقع رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، في حديثه لـ«مدى مصر» أن تتضمن جدول جلسات الحوار المجتمعي المرتقبة، طرح بدائل واقعية للتعاطي مع الأوضاع الاقتصادية الحالية إلى جانب آليات رفع القيود عن الحريات السياسية ورفع الحجب عن المواقع الصحفية وتعديل قوانين الحبس الاحتياطي وتحريمها في قضايا الرأي، إلى جانب تعديل نظم الانتخابات الحالية  وتعديل التشريعات التي تتضمن إجراء الانتخابات بنظام القائمة المغلقة، وإجراء الانتخابات بنظام الفردي والقوائم النسبية، مضيفًا هناك انتخابات محلية متأخرة منذ أكثر من عشر سنوات، و«المحليات» هي جوهر النظام الديمقراطي. 

ولم يستبعد الزاهد إمكانية تطرق جلسات الحوار المرتقبة إلى الحديث عن تعديل في الدستور، لافتًا إلى أنه أمر متوقع عن أي حوار مجتمعي، مضيفًا أن حزبه يطالب بالعودة لدستور 2014 وتقييد مدد الرئاسة وتعديل المواد الخاصة بتعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية للتوازن بين السلطات.

وشهدت كلمة الرئيس السيسي خلال حفل الإفطار التي لم تذاع  كاملة عبر وسائل الإعلام، تطرقه إلى العديد من الملفات، من بينها الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي وصفها بحسب رواية المصادر السياسية التي حضرت الحفل، وطلبت عدم ذكر اسمها، بأنها كانت خارج إرادة الدولة، في إشارة إلى تفشي فيروس كورونا والحرب الروسية. وأضاف السيسي «وبعدين أنتوا كنتوا فاكرين لو شفيق جه هيحصل إيه يعني كنا برضة هنبقى في أزمة».

وقال السيسي في حديثه عن فترة حكم المجلس العسكري قبيل تولي الرئيس الأسبق، محمد مرسي الرئاسة: «أنا كنت بقول للمجلس العسكري سيبوا الإخوان ييجوا وفي دولة، أحسن ما يبقى مفيش دولة خالص» في إشارة إلى التهديدات التي كانت بحسب السيسي يُلوح بها الإخوان في حال التلاعب بنتيجة الانتخابات الرئاسية في عام 2012.

Recent Posts

Leave a Comment