In In Arabic - بالعربي

رامي يحيى ـ المقال ـ

لماذا رفض شيخ الازهر مصطلح ” الإرهاب الإسلامي” وبين المسلمين إرهابيين يرفض هو نفسه تكفيرهم؟

هل من حق شيخ الازهر ر فض حرية التعبير في فرنسا؟

«إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حرية تعبير، فنحن نرفضها شكلًا ومضمونًا».

وهل هذا يدور في بلادك حتى تقبل أو ترفض؟ وإذا كنت ترى أن لك الحق في الحديث عما يخص الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض.. فهل هذا تصريح منك بحق المؤسسات الدينية الآخرى بالتدخل فيما يخص دينها هذا إذا ما رأت إساءة له في البلاد ذات الأكثرية المسلمة؟

ثم إذا كنت ترفض حرية الرأي والتعبير في الغرب فلماذا ترسل دعاتك في حملات للدعوة لدينك تحت حماية هذه الحريات التي ترفضها؟ أم أنك تريد حرية رأي “تفصيل” على مقاس الإسلام؟

 «الإساءة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تمامًا، وسوف نتتبع من يُسئ لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط».

المحاكم الدولية يا مولانا لا تحكم طبقًا لقوانين الدول المتخلفة، بالتالي حرية الرأي والتعبير مصونة، فهل فضيلتك لا تعلم ذلك أم تطلق التصريحات للاستهلاك المحلي؟

 «أوروبا مدينة لنبينا محمد ولديننا لـ ما أدخله هذا الدين من نور للبشرية جمعاء».

عفوًا فضيلة الإمام الأكبر ما هذا الكلام العبثي؟ عن أي نور تتحدث فضيلتك؟ ما وصل أوروبا من أفكار ساعدت في عصر النهضة هي أفكار ابن رشد وغيره من الفلاسفة والعلماء الذين كفرهم المسلمون بقيادة أسلافك من رجال الدين وعلى رأسهم الغزالي، صاحب كتاب تهافت الفلاسفة.

 «نرفض وصف الإرهاب بالإسلامي، وليس لدينا وقت ولا رفاهية الدخول في مصطلحات لا شأن لنا بها، وعلى الجميع وقف هذا المصطلح فورًا؛ لأنه يجرح مشاعر المسلمين في العالم، وهو مصطلح ينافي الحقيقة التي يعلمها الجميع».

لا داعي للتذكير بأي راية يرفعها الإرهاب، فالعالم كله يرى ويعرف، ولا بالتذكير بمن الفئة الوحيدة التي تدافع عن الإرهابيين وترفع صورهم وتعتبرهم أبطال وشهداء.. فأيضًا العالم كله يرى ويسمع ويتابع، عبر مواقع السوشيال ميديا، التعليقات المخيفة والمخزية في نفس الوقت.

لكن ما يهمني هو قولك أن «لا وقت لديكم لرفاهية الحديث عن المصطلحات»،

ما كل هذا التبجح سيدي؟ البشر تقتل في الشوارع باسم دين أنت أحد أهم رجاله، وأنت شخصيا رفضت أكثر من مرة اعتبار هؤلاء القتلة خارجين عن الإسلام.. ثم تقول إن ليس لديك الوقت لمناقشة الأمر؟!

عشرات التنظيمات الإرهابية ترتكب مئات الجرائم وتزهق أرواح وتدمر حيوات آلاف البشر.. كل ذلك باسم الإسلام والمسلمين، وأنت ومن خلفك المسلمون لا تحركون ساكنا ضد ما يحدث باسمكم.. ثم تطالب العالم كله بتعديل مصطلحاته (المنطقية) لأنها تجرح مشاعركم.. ما كل هذا الغرور والتعالي فضيلتك؟!؟!

أخيرًا نقطة في حديثك لا غبار عليه:

«تصريح وزير الخارجية الفرنسي في غضون الأزمة كان محل احترام وتقدير منا، وكان بمثابة صوت العقل والحكمة الذي نشجعه».

إنها الدبلوماسية التي ابتعدت عنها، إنها حرية العقيدة التي لا مكان لها في بلد الأزهر، إنها قيمة احترام الآخر التي يفتقدها أغلبية المسلمون.

 «المسلمون حول العالم (حكامًا ومحكومين) رافضون للإرهاب الذي يتصرف باسم الدين، ويؤكدون على براءة الإسلام ونبيه من أي إرهاب».

عن أي «مسلمون» تتحدث يا فضيلة الشيخ؟ هل هم الموظفون في أروقة مؤسستك أم عن عموم المسلمين الذين تملأ تعليقاتهم المسمومة العالم الافتراضي؟ هل تتحدث عن مسلمين سريين غير هؤلاء الملايين الذين مازالوا عالقون ذهنيًا ووجدانيًا في عصر الحروب الصليبية؟

«الأزهر يمثل صوت ما يقرب من ملياري مسلم، وقلتُ إن الإرهابيين لا يمثلوننا، ولسنا مسئولين عن أفعالهم، وأعلنتُ ذلك في المحافل الدولية كافة، في باريس ولندن وجنيف والولايات المتحدة وروما ودول آسيا وفي كل مكان، وحينما نقول ذلك لا نقوله اعتذارًا، فالإسلام لا يحتاج إلى اعتذارات».

كيف يمثل الأزهر قرابة ملياري مسلم؟ هل توقف أهل السُنة الذي يمثلهم الأزهر عن تكفير أهل الشيعة؟ أم أنك أردت تضخيم حجم مؤسسة هي ضخمة بما فيه الكفاية فعلا؟

نعلم بالطبع أنك قلت كثيرا أنهم لا يمثلوكم وأنكم لستم مسؤولين عما يفعلون، كما نعلم أيضًا إنهم يبادلوكم نفس الرؤية والتصريحات، ولم نعد نعرف أي نسخة من الإسلام يجب أن يتعامل معها العالم، وإذا كان هؤلاء القتلة بالفعل لا يمثلوكم فهم بذلك يسيئون للإسلام أيما إساءة، فإذا كنتم غير مطالبين بالاعتذار فأنتم مطالبين بالدفاع عن دينكم من هذه الإساءة بنفس القوة التي تفعلونها الآن في مواجهة رسمة محدودة الانتشار والتأثير.

«وددنا أن يكون المسئولون في أوروبا على وعي بأن ما يحدث لا يمثل الإسلام والمسلمين؛ خاصة أن من يدفع ثمن هذا الإرهاب هم المسلمون أكثر من غيرهم».

كيف تريد من غير المسلمين أن يعرفوا عن الإسلام ما لا يعرفه المسلمون الذين يقتلون باسم الإسلام أو الذين يهللون للقتل وسفك الدماء؟؟

«أنا أول المحتجين على حرية التعبير إذا ما أساءت هذه الحرية لأي دين من الأديان وليس الإسلام فقط».

أعلم أنك أول الرافضين لحرية التعبير فهي طبيعة عملك، لكني أتساءل عن رفضك الإساءة لأي دين.. فأنا لا أرى هذه المواقف القوية والجولات المكوكية مع الانتهاكات الصارخة للإساءة للمسيحية والمسيحيين في بلد الأزهر، ولا داعي لذكر الإساءة للمقدسات غير الإسلامية داخل القرآن نفسه.. فهي طبيعة الأديان التي تقوم كلها بالإساءة لبعضها البعض.

«أنا وهذه العمامة الأزهرية حملنا الورود في ساحة باتاكلان وأعلنا رفضنا لأي إرهاب».

لكنك وأياها لم تدعو مرة واحدة للتظاهر ضد أي جماعة مسلحة بوصفها تسئ للإسلام، كما لا يختلف خطابك عنها بشكل جذري.. فقط في تحديد الأولويات ومدى أحقيتهم في تنفيذ “القصاص” أو إعلان “الجهاد”، فأنت تراهما حق فقط لولي الأمر وهم عينوا أنفسهم ولاة أمر.

«إن التجاوزات موجودة عند أتباع كل دين وفي شتى الأنظمة، فإذا قلنا إن المسيحية ليست مسؤولة عن حادث نيوزيلندا؛ فيجب أن نقول أيضا إن الإسلام غير مسؤول عن إرهاب من يقاتلون باسمه، أنا لا أقبل أبدًا أن يتهم الإسلام بالإرهاب».

ها أنت ذا تتحدث بالضبط كألاف المسلمين الذين يبررون القتل باسم الإسلام، نعم يا فضيلة الإمام.. معظمهم يبدأون حديثهم بهذا الشكل، من أين أتيت بالجرأة لتقارن ما حدث في نيوزيلاندا بما يحدث في بلاد الأكثرية المسلمة؟ في أي دولة ذات أكثرية مسلمة خرج ملايين المواطنين يرفضون هجوم إرهابي ضد أقلية دينية؟ أو خرج أكبر رأس في الدولة ليصلي صلاة هذه الأقلية بشكل رمزي؟ أو تم تنظيم صلاة جماعية كبرى لدين هذه الأقلية في الساحات؟ في أي دولة حصل القاتل المسلم على أعلى حكم في بلاده جراء قتله لأفراد ينتمون لأقلية دينية أو حتى مذهبية؟

عزيزي شيخ الأزهر.. أنت تعيش في مصر، حيث قتل المسيحيين وتفجير الكنائس أمر لا تتوقف عنده الحياة كثيرًا، أنت من بلد حين ظن مسيحيوه أن لهم الحق التظاهر والاعتصام احتجاجا على حرق كنائسهم ….

أنت من الشرق الأوسط حيث تفجير المراقد الشيعية خبر عابر في نشرات الأخبار، الشيعة الذين ضمنتهم ضمن من يمثلهم الأزهر.

«نحن هنا في الأزهر قديمًا وحديثًا نواجه الإرهاب فكرًا وتعليمًا، ووضعنا مقررات ومناهج جديدة تبين للجميع إن الإرهابين مجرمون وإن الإسلام بريء من تصرفاتهم».

أرجوك مولانا الإمام قل كلاما يحترمنا ويحترم عقولنا، فأنت رأس حربة القتال دفاعا عن الكتب التراثية التي تضم بين دفتيها فقه القتل وسفك الدماء الذي هو مرجعية التنظيمات التي تحاول التبرؤ منها بمحض كلمات. وإذا كنت تنسى ما تقول فكلماتك في مؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر الإسلامي مسجلة يمكن تستمع لها مرة أخرى.

«محمد ﷺ رحمة لنا ولكم، وهو نور أبدي بعثه الله للبشرية».

ما هذا الكلام الإنشائي؟ بماذا أفاد الإسلام الإنسانية؟ ورجاءً لا تحدثني عن علماء جلهم تم تكفيره وحرق كتبه بمعرفة رجال الدين المسلمين.. فأساسًا لم تقم أي نظرية علمية أو معرفية أو فلسفية على آية قرآنية أو تشريع إسلامي، إلا إذا كنت فضيلتك من جمهور السيد زغلول النجار ومدرسة انتظار أن ينجز العلماء الحقيقيون منجزاتهم ثم نبحث نحن عن آية تليق على ما أنجزوا هم لندعي أن منجزهم مذكور في القرآن.

«هل من الحكمة المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة مسيئة.. لا أستطيع أن أتفهم أي حرية هذه؟!»

بالطبع لا يمكنك تفهم ما لم تعيشه في حياتك، أن حرية التعبير هي العماد الذي تقوم عليه الأمم المتحضرة، وأنت لم تعش الحرية ولا جربت أن تكون مواطنا في دولة متحضرة. أن ما لا يفهمه الغرب هو الإطاحة بواحدة من أهم منجزاتهم. بل أهمها على الإطلاق من اجل إرضاء مشاعر ملايين من أعداء الحرية الذين بالأساس لا يحترمون الأخر.

«صدري متسع للحوار والعمل معكم ومع الجميع؛ ولكني أقول: إن الإساءة لمحمد ﷺ مرفوضة تمامًا».

صدرك لا يتسع لأي نقد سيدي الشيخ الطيب، فأنت تغلق باب التعامل مع الأخرين ما دمت ترفض أن ينتقد أحد معتقداتك.. وفي الوقت ذاته لا نرى مواقفك القوية ذاتها لحماية معتقدات الآخرين التي تهان يوميا في بلادك، أن تفسير آيات القرآن نفسها تسئ لمعتقدات الآخرين… لكن هؤلاء الآخرين يمتلكون عقول أكثر تطورًا بالقدر الكافي لتدرك أن هذا هو دأب الأديان، لذلك يسمحون لبعثاتكم أن تدعوا للإسلام على أراضيهم.. في نفس الوقت الذي ترى أنت ومجتمعات المسلمين أن الدعوة لأي دين أخر هي جريمة لا تغتفر.

«إن الناس لن تُمسك بالقواميس حتى تتحقق عن فروق بين المصطلحات ومعانيها، المصطلحات التي تستعملونها تجرح المسلمين جميعًا، وهي عمل غير إنساني ولا يتفق مع الحضارة».

ترى أن الناس لن تمسك القواميس لتبحث عن الفرق بين المصطلحات، لكن في نفس الوقت تطالب الناس أن تدرس الإسلام حتى تتعرف على الإسلام الصحيح المسالم الذي تتحدث عنه وتفرقه من الإسلام الذي يقتلون باسمه وترفض أنت نعت هؤلاء القتلة بغير المسلمين.. ألا ترى سيدي الإمام الأكبر أن في ذلك إجحاف شديد؟

 «نحن مستعدون للتعاون معكم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام ومحاربة الفكر المتطرف داخل فرنسا وأوروبا».

مبادرة ممتازة فضيلة الشيخ، لكن أليس من الأجدر أن تقدمها حينما تنتهي من تصحيح هذه المفاهيم في العالم الإسلامي وتنجح في محاربة الفكر المتطرف بداخله، ولو حتى بالقدر الكافي ليتوقف المسلمين عن قتل بعضهم البعض باسم الإسلام.

«نحن على استعدادٍ لتقديم منصة خاصة للتعريف بالإسلام وأحكامه الصحيحة لنشر الوسطية والاعتدال والتسامح الإسلامي».

مبادرة أخرى ممتازة.. لديك الأنترنت الذي أخترعه الغرب يمكنك استخدامه، وحين تنجح في ذلك داخليًا ويتوقف عوام المسلمين عن اتهام الأزهر ودار الإفتاء “إنهم يفتوا” مع كل رأي يمثل الوجه المتسامح من الإسلام.. حينها يصبح عندك القاعدة اللازمة لتنطلق منها إلى الخارج.

عزيزي الإمام الأكبر شيخ الأزهر.. أن من يسئ للنبي وللإسلام هم المسلمون أنفسهم، هو تقطيع أجساد النساء في طفولتهن باسم الإسلام، هو قتل المسلمين لبعضهم البعض وتفجيرهم لمساجد بعضهم البعض باسم الإسلام، هو عدم قدرة المسلمين على تقبل أي نقد وفي نفس الوقت عدم قدرتهم على احترام أي مختلف، هو التعامل مع العالم بعقلية عالقة في العصور الوسطى.

https://www.facebook.com/almaqaleg/
Recent Posts

Leave a Comment