In In Arabic - بالعربي

كريمة كمال ـ المصري اليوم ـ

أغلقوا كل الأبواب واجعلوا غربانكم تنعق فى الداخل، لن تستطيعوا تغيير الحقيقة وتزييف الواقع.. قد تؤثرون يوما على الخائف أو المرتجف أو الجاهل لكنكم لا تضمنون حتى ولاء هؤلاء عندما يطولهم التزييف أو يسحلهم التطاول.. فات أوان إخراس كل الأصوات إلا أصوات الغربان التى تنعق من قناة إلى أخرى من التى تسب وتلعن وتشهر فى واحدة إلى التى تخرج علينا لتسب الشعب لشكواه من قسوة ظروفه فى الأخرى إلى الذى يزيف التاريخ القريب الذى لم يبعد من رؤوسنا بعد.. فهل تتصورون أنكم بإغلاق برنامج إبراهيم عيسى سوف تتحكمون فى العقول والقلوب وتعلنون أنفسكم حراسا للحقيقة حقيقتكم وحدها؟ هل بإغلاق البرنامج أكدتم للعالم أجمع أنكم مع حرية الرأى والتعبير وأثبتم ذلك بما لا يدع مجالا للشك؟

هل أصبح برلمانكم هو البرلمان الصحيح عندما يأتى أوان التقييم بالرغم من قانون الجمعيات الأهلية وقانون المؤسسات الإعلامية المعزول عن بقيته وتقديم مشروع يعطى رئيس الجمهورية الحق فى تعيين رؤساء الهيئات القضائية وتجريد إبراهيم عيسى والصراخ عاليا من أجل إسكاته لأنه تجرأ وانتقد أداءكم الذى ينتقده الشارع قبل النخبة، والقائمة تطول من البحث عن المزايا والمكافآت والبدلات والزيادات قبل البحث عن إنقاذ الشعب الذى تأكله الأسعار فى كل لحظة.

أغلقوا الأبواب، أخرسوا كل الأصوات إلا الأصوات التى تنعق بالتأييد الزائف، وتحدثوا عن الشفافية ومحاربة الفساد وأنتم لا تعلنون منع النشر فى قضية إلا لتعلنوا النشر فى أخرى.. ليطبق الظلام على كل ما يدور فى كل الكواليس ولا يتبقى سوى الشك والتخمين والاستنتاجات بل وحتى الشائعات بديلا لإعلانكم الحقائق جلية كاملة التى مهما كانت فهى أدق كثيرا من كل ما يمكن أن يصل إليه أى خيال وكل خيال.. حظر النشر وقع لكن حظر التفكير والتساؤل والخيال لا يمكن بحال من الأحوال حظره أو مصادرته.. حظر النشر فى القضية لكن التساؤلات فى كل مكان..

لماذا الآن بالذات تم فضح قضية الرشوة الكبرى فى مجلس الدولة؟ وما هى الصلة بينها وبين مشروع القانون الذى قدم فى البرلمان لتعيين الرئيس لرؤساء الهيئات القضائية؟ بل ما هى الصلة بين القضية وبين مشروع القانون وبين قضية مصرية تيران وصنافير ؟ الأسئلة مطروحة بل والإجابات أيضا مطروحة سواء صحت أم لا والأبواب كل الأبواب تفتح على كل من يريد أن يدلى برأى أو حقيقة أو كذبة بل هذا هو وقت من تخشون لعبهم بالحقائق وتشويهها طالما أنتم أخفيتم كل الحقائق وأوصدتم كل الأبواب وأخرستم كل الأصوات.

هل بات هناك أى أمل فى تصحيح المسار؟ لا أظن أصوات المرتزقة والموالين والمطبلين طغت على كل الأصوات العاقلة واحتلت المسرح وحدها لتقدم فقرة واحدة مملة ومكررة وفجة إن خالت على عقل لمحدوديته لن تخيل على الآخرين.. ولم يعد هناك من مراجع ومراقب حتى برلمان الشعب انضم إلى هؤلاء ليعزف على نفس المنوال وليمنع كل صاحب رأى حتى من الحديث تحت قبته ولتصبح الإحالة إلى لجنة القيم عقاب من يملك رأيا أو من يريد أن يقوم بدوره كنائب للشعب.

أغلقوا كل الأبواب أخرسوا كل الأصوات لكنكم أبدا لن تستطيعوا احتكار الحقيقة وتزييفها فقد مضى عهد إغلاق الصحف ومنع الكتاب وإغلاق البرامج ومنع مقدميها من الحديث حتى بترحيلهم عن البلاد فإن أغلقتم الأبواب وأخرستم الأصوات فماذا أنتم فاعلون فى الفضاء الإلكترونى؟ ماذا ستفعلون إزاء مواقع التواصل الاجتماعى؟ نعم لقد ملأتم جزءا منها بكتائبكم الإلكترونية لكنكم لن تستطيعوا مصادرة كل ما يكتب فيها وملاحقته بل وهزيمته.. لن تقووا على ملاحقة ما يتم «تشييره» من آراء ولا ما يتم تناقله من روايات بل وما يتم تداوله من مقالات تنشر فى كل العالم حول ما يدور فى مصر وحقيقته.. هذا الفضاء المفتوح يستعصى على كل ما يروجه المزيفون والشتامون من المطبلين بأسلوبهم المتردى البدائى الفج لأنه يطلق الحقيقة فى كل لحظة وعلى من يريد أن يتدبر أن يتدبر.

أغلقوا الأبواب وأخرسوا الأصوات وليخرج برلمانكم كل يوم مشروع قانون جديد يصادر الحريات وينال من استقلالية السلطات لكنكم لن تستطيعوا احتكار الحقيقة وتزييف الواقع فى أعين الناس إلا إن أغلقتم دونهم هذا الفضاء الواسع المتاح للجميع بضغطة إصبع فهل تفعلونها لتنضموا إلى أكثر الدول بطشا بالحقوق والحريات؟

___________________

http://www.almasryalyoum.com/news/details/1067475

Recommended Posts

Leave a Comment