In In Arabic - بالعربي

حافظ المرازي ـ

رحم الله د. فتحي سرور الذي رحل عن عالمنا ليلة أمس ، وكانت فترة رئاسته لمجلس الشعب المصري هي الأطول في تواريخ كل برلمانات مصر، الحقيقية والصورية، على السواء؛ ليس فقط على مدى قرن كامل من برلمانها الاول 1924 بعد وضع دستورها واستقلالها، بل وحتى منذ اول تأسيس لمجلس برلماني لها (مجلس شورى القوانين 1866).

لم يسبق لأحد قبل سرور رئاسة البرلمان المصري ولو لعشر سنوات، بينما الحالة الاستثنائية حتى الآن هي للدكتور فتحي سرور الذي أمضى عشرين سنة بدون انقطاع رئيسا لمجالس النواب المصرية المتعاقبة من 1990 حتى قيام ثورة يناير 2011.

في عهد عبد الناصر، كانت اطول فترة لرئيس برلمان، ثلاث سنوات، وقبله تراوحت بين بضعة أشهر إلى عامين أو ثلاثة في أقصى مراحل الوصاية على مصر في العهد الملكي. انور السادات تولى في عهد ناصر رئاسة البرلمان لثلاث سنوات. وفي عهد السادات تولى صهره سيد مرعي لفترة اطول هي اربع سنوات. بعده اختار السادات د. صوفي ابو طالب ، الذي اكمل عام 1983 في عهد مبارك مدة اطول هي 5 سنوات في رئاسة مجلس الشعب رغم رحيل السادات قبلها بعامين. كما زاد بعده د. رفعت المحجوب في رئاسة المجلس لست سنوات. ومع بقاء مبارك في الحكم ثلاثين سنة لم تعد رئاسة سرور للبرلمان عشرين سنة بأمر استثنائي ومستغرب.

بعد دستور مصر الاول 1923 أطاحت الانتخابات البرلمانية النزيهة بوزير الداخلية ورئيس وزراء السلطان فؤاد وفقد مقعد دائرته الانتخابية. فاز الوفد بالأغلبية ورأس سعد زغلول البرلمان لثلاثة اشهر فقط 1924، وبعده مصطفى النحاس لأربعة أشهر 1925 لأن حل البرلمان كان أداة الملك حين لايستطيع السيطرة على حكم الشعب لنفسه وتحدي الحاكم، حتى بتعيينه حكومة غير منتخبة.

وكان من أشهر الأمثلة على ذلك حين اصطدم الملك فؤاد عام 1930 مع حكومة الأغلبية المنتخبة لحزب الوفد برئاسة مصطفى النحاس رئيس الوزراء ورئاسة ويصا واصف لمجلس النواب.

أقال الملك حكومة النحاس المنتخبة وعيّن إسماعيل صدقي، ترزي القوانين وقتها. واستمر النحاس في البرلمان كنائب عن دائرة سمنود. ورفض ويصا واصف ترك حزبه الوفد والانضمام إلى حزب الحكومة. كما رفض ان يمنع المناقشات البرلمانية المنتقدة للملك خصوصا حين وقف النائب والكاتب عباس العقاد في البرلمان يقول “تُسحق أكبر رأس فى البلد إذا اعتدت على الدستور”. وهنا، امر الملك بوقف جلسات البرلمان وإغلاق أبوابه. لكن النواب تظاهروا امام بوابة المجلس المغلقة بالسلاسل وطلبوا من رئيس الحكومة المقال النحاس زعيم الوفد الأمر بفتح الابواب، لكنه قال إن الذي يملك صلاحية أمر حراس البرلمان بذلك هو رئيس المجلس النائب ويصا باشا واصف. فما كان من الرجل ان طالب الحراس بتحطيم السلاسل وفتح الأبواب فانصاعوا له، وعقد النواب جلسة عامة في تحد لإرادة الملك والحكومة، الأمر الذي انتهى بقرار ملكي بحل مجلس النواب بأكمله، وكذلك تفصيل دستور جديد!

بعد سبعة اشهر فقط رئيسا لبرلمان مصر، عاد النائب السابق ويصا باشا إلى ممارسة مهنته كمحام بالمحاكم المختلطة، وتوفي بعد عام واحد في 1931 ليخرج الناس هاتفين خلف جنازته :”لن ننساك ياويصا لن ننساك يامحطم السلاسل”.

سبعة أشهر فقط لبرلمان منتخب بحرية ومن شخصية خلدها التاريخ بمحطم السلاسل، وأول وآخر مسيحي مصري يرأس برلمانها، جعلته أكثر شهرة رغم مرور 97 سنة على رحيله، ربما مما سيذكره التاريخ للراحل واستاذ القانون النابغ د.فتحي سرور الذي توفي أمس عن 92 سنة دون ان يدري كثيرون أنه كان مازال يعيش بعيدا عن المقعد والسلطة بيننا!

________________________

https://www.facebook.com/hafez.almirazi.7

Recent Posts

Leave a Comment