In In Arabic - بالعربي

وطني ـ

حالة من الحذر تسود أقباط قريتي الكوم الأحمر والفواخر بالمنيا، بعد تعرضهم لاعتداءات من قبل «متشددين»، قاموا بحرق بيوت الأقباط ونهبها والاعتداء عليهم بالضرب والطرد، بحجة رفض بناء كنيسة بقرية الفواخر، وصدور تصريح ببناء كنيسة انجيلية بقرية الكوم الأحمر. حدث كل ذلك في غيبة أي حماية أمنية بالرغم من أن الأنبا مكاريوس أسقف المنيا كان قد قام بالإبلاغ عن تهديدات بهجوم محتمل، قبل واقعة الفواخر بأربعة أيام. ومع حلول أسبوع الآلام وأيامه المقدسة، يلتزم الأقباط منازلهم، في ظل حالة من الاحتقان بالقرية واستمرار عمليات القبض على المشتركين في الهجوم.

وقد ألقت قوات الأمن القبض على عدد من المعتدين والمحرضين، وتواصل الشرطة تحرياتها، لرصد عدد آخر من المحرضين والمشتركين في الاعتداء. وبدأت جهات التحقيق العمل في فحص وجمع كافة التفاصيل حول الأحداث والمفجر الرئاسي لها، كما يتم حصر الخسائر التي وقعت في منازل الأقباط، بعد عودة الهدوء للقرية، وجاري التحقيق وتحويل المتهمين إلى النيابة العامة بعد الانتهاء من تحريات الشرطة. وتواصل قوات الشرطة بالمنيا تطويق قرية الفواخر، بعد أحداث الاعتداء على أقباط يوم الثلاثاء الماضي، بذريعة شائعة حول «نية» الأقباط بناء كنيسة، مما أسفر عن حرق ثلاث منازل للأقباط ونهب البعض الأخر من المنازل والمتاجر وإصابة ثلاثة. .

الأنبا مكاريوس يكشف تفاصيل الاعتداء

كان الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، قد حذر من وقوع الأحداث مسبقا، وكتب منشورا على موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي، قال فيه : «أتابع بقلق بالغ هجوم المتطرفين الآن على منازل الأقباط في قرية الفواخر، مركز المنيا، واحتراق عدد كبير من المنازل ومنع سكانها من الخروج ،وقد أبلغنا المسؤولين بالاعتداء المتوقَّع، ووعدونا باتخاذ اللازم، ونثق في سرعة التحرك».

وعاد نيافته ليطمئن الأقباط عقب السيطرة الأمنية على القرية فقال: «وصلت قوات الأمن وتمت السيطرة على الوضع، والقبض على المحرضين والمنفذين، وحصر جميع التلفيات، وستقوم أجهزة الدولة بتعويض المتضررين ومحاسبة الجناة. ويسود الهدوء القرية الآن.»

أبلغنا الجهات المختصة بتوقع الهجوم

وقال نيافته في كلمة له: «نتابع الوضع وقمنا بوصفه في حدود الواقع… والقرية تقع على الخط الغربي للمحافظة وتبعد ساعة عن مدنية المنيا، وهى قرية ذات طابع قبلي، يختلط أهلها ببعض لهم أصول ليبية، والقرية بها 20 الف مسلم، وحوالى 40 أسرة قبطية، ويتبع القرية نجع حربى به عدد من العائلات قبطية..»

وأضاف أن القرية ليس بها كنيسة، ولا القرى القريبة منها، ولطبيعة الحالة والظروف الجغرافية وصعوبة التنقل لقرى اخرى، يقوم أحد الآباء الكهنة بخدمة القرية بالصلاة في المنازل، لصعوبة نقل هذا العدد لكنيسة أخرى. ويوم الإثنين الماضي تم قامت الجهات المختصة باستدعاء بعض الأقباط لسؤالهم «حول وجود كنيسة أو الشروع في بناء كنيسة»، وتم التأكد من عدم الشروع في بناء كنيسة. ومع ذلك تم وضع خفراء حراسة أمام أحد المنازل، وهو ربما ما أوحى لأهالي القرية أن الشائعة حقيقة، ومن هنا بدأت المؤامرة، ويوم الخميس 18 أبريل، بدأت منشورات تحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي .

ممنوع كاميرات الحماية

وتابع نيافة الأنبا مكاريوس قائلا إنه في يوم السبت 20 ابريل الساعة الثالثة صباحا، ألقى البعض من المتطرفين زجاجات حارقة على ثلاث من منازل الأقباط، وتم السيطرة عليها، ومنازل أخرى ألقيت عليها زجاجات دون خسائر. وفى يوم الإثنين 22 أبريل، قام أحد الأقباط بوضع كاميرات على منزله حماية له، ولكن الأجهزة الأمنية طلبت منه رفع هذه الكاميرات، علما بأن هناك الكثير من سكان القرية يضعون كاميرات، وفى نفس اليوم قام مدير المدرسة الابتدائية بالقرية بالسخرية من بعض الفتيات القبطيات، مما تسبب التحرش بهن وضربهن من قبل زميلاتهن الأخريات غير مسيحيات، وعندما احتج أهالي الفتيات على هذا السلوك، قام مدير المدرسة بطردهم وانتهارهم .

نشر منشورات بالهجوم

فى يوم الثلاثاء 23 أبريل تم نشر منشورات من قبل المتطرفين بالقرية، للتحريض على الهجوم على الأقباط، بحجة بناء كنيسة، وهو أمر غير حقيقي ، وقالت المنشورات ”أنه يجب حماية القرية من بناء كنيسة “، وتم إرسال هذه المنشورات إلى الجهات المعنية والأمنية، لاتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع حدوث كارثة قبل فوات الأوان، وتم الإفادة بأنه سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولكن الأحداث بدأت في العاشرة والنصف مساء، بالهجوم على منازل الأقباط ونهب بعضها وحرق منازل اخرى، ومنع خروج الأقباط من منازلهم بالقوة باستخدام الأسلحة النارية، واعتداء بعض المتطرفين على النساء والفتيات وضربهن .

وكانت هناك محاولة لخطف الأطفال لكن تم انقاذهم، وقام المعتدون بتصوير حرائق المنازل وسط تهليل وتحريض، وهي وثائق تثبت الجريمة، وهناك منشورات على صفحات بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تحمل أسماء معروفة قامت بالتحريض، وبعد ساعة من بدء الأحداث وصلت قوات الأمن نتيجة صعوبة الطريق، وتم السيطرة على الوضع وفرض الهدوء، والقبض على بعض الجناة، وتكاتفت جميع الأجهزة حتى الآن، ومازالت قوات الشرطة بالقرية. وتم القبض على عدد من المحرضين والمنفذين وتواصلت جميع الأجهزة معنا .

وأضاف الأنبا مكاريوس أن الأجهزة وعدت بعدم ترك الأمر، وبمحاسبة المتورطين لأن هذا الأمر يمس هيبة وسيادة الدولة، لأننا في دولة ذات سيادة وقانون وليست قبلية، وتم الوعد أنه قبل عيد القيامة سيتم تعويض الأقباط عن خسائرهم وسوف يتم اعادة جميع المنازل المتضررة لأفضل ما كانت عليه.

الحل الأمني لا يكفي

وأكد نيافة الأنبا مكاريوس، أن الحل الأمني وحده ليس كافيا لعلاج هذه الأزمات، ولكن يجب تسليط الضوء على القرى والنجوع في الظهير الصحراوي، وتغيير الثقافة، وإعادة النظر في المناهج التعليمية وتنقيتها، والأهم من ذلك القائمون على العملية التعليمية، لأن الذي يُعلّم أخطر من المنهج نفسه، وهذا سيكون له أثر على الطالب، وأيضا دور الأسرة، ودور وسائل الإعلام في تقديم خطاب في مواجهة الكراهية .

وذكر نيافته أن الأقباط في المنطقة أقوياء في الإيمان وتحمّل كل شيء من أجل إيمانهم، وهم أناس بسطاء كل مطالبهم الصلاة حتى في حجرة، نظرا لصعوبة التحرك والانتقال لقرى أخرى، وهم لم يطالبوا بكنيسة، بل يطلبون الصلاة فقط.

هتافات برفض كنيسة

قال أحد أقباط قرية الفواخر أنها قريبة من الطريق الصحراوي الغربي، ويقطنها عدد كبير من العائلات العربية، ينتمي بعضهم لدولة ليبيا، والقرية جزء منها يقع على تبة جبلية عالية، وأقرب كنيسة لها على بعد مسافة ساعة زمنية.

وأضاف أنهم كانوا يصلون (في بيت) بدون مشكلة، وجميع سكان القرية يعلمون ذلك ويشاهدون الكاهن في زياراته، حتى بدأت توترات غير معروف أسبابها، بعد ما انتشرت شائعات بين أهالي القرية حول بناء كنيسة جديدة، وأبلغهم أحد جيرانهم المسلمين أن البعض ينوون الهجوم على منازل الأقباط، ولذا تم ابلاغ الأجهزة الأمنية، حتى جاء مساء الثلاثاء، وبدأت الهتافات والتكبير وبدأ الاعتداء على منازلهم لا سيما تلك التي تقع في أعلى التبة، حيث إن القرية مقسمة لجزء أعلى التبة وجزء بالأسفل.

واستطرد: «بدأ الاعتداء بإلقاء النيران على المنازل، وتم منعنا من الخروج، وانتشر المعتدون أمام منازل الأقباط، وتم قذفها بالحجارة، ونجحوا في اقتحام بعضها ونهب ما بها، ونهب متجر، وسرقة المصوغات الذهبية لإحدى الفتيات المتزوجات حديثا. وتسبب الهجوم في حالة من الذعر بين النساء والأطفال وسط صرخات وبكاء، واستغاثات، واستغرق وصول الأجهزة الأمنية وقتًا طويلا نظرا لصعوبة الطرق والغير ممهدة وضيقها».

وأشار إلى أنه عقب وصول قوات الشرطة، انتشرت سريعا ونجحت في وقف الاعتداء، وتم إخماد الحرائق بالمنازل، وتم القبض على عدد من المتجمهرين واستمرت عملية القبض لمدة يومين، وفى نفس الوقت التزم الأقباط منازلهم، وعدم الخروج خوفا من التحرش بهم لا سيما أنهم تلقوا تهديدات، من بعض الأسر بعد القبض على عدد من ذويهم .

ضرورة تطبيق القانون

وقد طالب حقوقيون بتنفيذ وتطبيق القانون، دون اللجوء لسياسة العرف التي استخدمت في الماضي وأدت لإفلات المتطرفين من العقاب في كافة الأحداث الطائفية، وأكدوا على ضرورة فرض سيادة الدولة وتطبيق القانون على الجميع، مع العمل على توفير دور عبادة لإقامة شعائر الأقباط بالقرية وهو أبلغ رد على هذا الفكر المتطرف.

وأدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الاعتداءات التي وقعت على أقباط القرية وأشارت إن تلك الأحداث «نسخة مكررة وتكاد تكون متطابقة» من أربعة أحداث سابقة في محافظة المنيا، منذ سبتمبر الماضي، وكل مرة يفرض المعتدون كلمتهم ويتم غلق المكان ومنع استكمال الكنيسة حتى لو كانت مرخصة، مثل ما حدث في قرى منشأة زعفرانة في أبو قرقاص والعزيب بسمالوط، والخياري خلال أربعة أشهر على التوالي، وسط أجواء من التحريض الطائفي.

الليبرالي المصري يطالب بتنفيذ القانون

وأدان الحزب الليبرالي المصري الأحداث المؤسفة التي وقعت، بعد تجمع واعتداء عدد من المتطرفين، على أقباط القرية، بذريعة شائعة بناء كنيسة، بعد تحريض البعض لإشعال الأحداث الطائفية دون وضع لأي اعتبار لدولة القانون، بجعل أنفسهم أوصياء على مواطنين مصريين لهم نفس الحقوق، لا واصى عليهم سوى القانون.

وطالب الحزب بسرعة التحقيق ومعاقبة المحرضين والمعتدين دون اللجوء لسياسة التوازنات، والانتهاء بالحلول التقليدية التي تعتمد على العرف والجلسات العرفية، لأن هذا الاعتداء هو اعتداء على الدولة وسيادتها، وأنه لا سبيل سوى تطبيق القانون على الجميع.

______________

Edited from:

Recent Posts

Leave a Comment