In In Arabic - بالعربي

وجدي حبشي ـ وطني

فى ١٩ مارس رحل الفنان القدير عادل نصيف (١٩٦٢-٢٠٢١) الذي تميز بالقدرات الإبداعية وأصبح من رواد فن رسم الأيقونة القبطية وصاحب رسالة.

ولد الفنان الراحل في دمنهور بالبحيرة عام ١٩٦٢ وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم التصوير جامعة الإسكندرية عام ١٩٨٥.. درس الفن القبطي والأيقونة بمعهد الدراسات القبطية بالقاهرة، وتتلمذ على يد العديد من رواد الفن القبطي وفي مقدمتهم الرائدين يوسف نصيف (١٩٢٠ – ٢٠١٣) وبدور لطيف (١٩٢١ – ٢٠١٢) ، اللذين تعلم منهما الكثير .. ولكنه طور من نفسه ليواكب تطورات العصر، وأصبح له أسلوبه المميز فى صياغة إبداعاته بعد عمق القراءات لفنون الأيقونة من الناحية الروحية والفنية .. وارتبط اسلوبه هذا باسمه والذي عُرف بإبداعاته فى عدة كنائس داخل مصر وخارجها .. يشع منها ضوء الروحانية وأصالة الفن القبطي. 

منذ تخرجه عاش بالاسكندرية وتفرغ للفن وعمل رساما حرا.. و تميز في تنفيذ الأعمال الجدارية الكبيرة الموزاييك والفريسك وتصميم أغلفة الكتب والمطبوعات، و كُتبت عن أعماله العديد من المقالات بالمجلات والجرائد بمصر (منها جريدة وطني) وهولندا وامريكا وله مشاركات بالبرامج التليفزيونية.

بدأت مسيرته الفنية مبكرا بعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة وانطلق بعدها إلى أوروبا منها هولندا وفرنسا وكندا، حيث قام باستكمال وتركيب جداريات وأيقونات فنية بمساحات كبيرة احتلت سبع كنائس أرثوذكسية، من ضمنها أعمال موزاييك وأيقونات كنيسة الملاك ميخائيل في باريس، حيث قام بعمل جدارية ضخمة للعائلة المقدسة ١٠ متر وارتفاع ٣ ونصف متًرا، و جدارية شواهد القيامة ١٢متر وارتفاع ٥ متر بخامة الموزاييك لتزين واجهة الكنيسة.

من أعماله الأخرى خارج مصر أيقونات بكنيسة السيدة العذراء بأمستردام، وأيقونات وموزاييك بكنيسة الأنبا أنطونيوس في بايندهوفن هولندا، وجدارية سفر الرؤيا بطول ٦٥ متر مربع بأثينا في اليونان، وكنيستى الشهيد مرقوريوس والقديس دميانة بكندا، وأعمال أيقونات كنائس بريتشموند وفلوريدا وفرجينيا وتامبا بالولايات المتحدة الأمريكية، وأيقونات استخدم في رسمها ماء الذهب بكنائس بدولة الإمارات.
(..)

ومن خلال الجداريات والأيقونات التي أبدعها في العديد من بلاد العالم، سعى الفنان عادل نصيف إلى ربط الكنائس بالخارج بالفن القبطي ونشر الثقافة والوعي بأهمية هذا الفن .. لاسيما بين شباب المهجر، ورسم معالم كنائسنا بفنون ترتبط بالتاريخ المصري والقبطي العظيم.

ويعد الفنان الراحل أنه أول فنان طُبعت أيقوناته القبطية بكتاب First Christmas ، وحصل على جائزة أفضل كتاب لهدايا الأعياد، ونظّمت له دار النشر معرضًا لأيقوناته فى مانهاتن بنيويورك فى ديسمبر عام ٢٠٠٨ ،.. رسم للكتاب ٢٢ أيقونة بألوان التمبرا للغلاف وتم طبع الكتاب فى نيويورك باللغتين الإنجليزية والإسبانية، ووصل التوزيع لأكثر من عشرة آلاف نسخة .. كما أنه أُختير عضو جمعية فناني الموزاييك الدولية (AIMC) رافنا – ايطاليا International Association of Contemporary Mosaicists –Ravenna-Italy 

أقام الفنان الراحل العديد من المعارض الفردية وشارك أيضا فب المعارض الجماعية فى الداخل والخارج .. ومثّل مصر للعرض بصالون الخريف الفرنسي العريق في دورته ال١١٢ والـ١١٣ بباريس، ومعرض ”كارفان“ بكاتدرائية سان بول بلندن .. وحصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير .. منها درع مركز الإبداع بالإسكندرية عام ٢٠٠٣.. وفي ٢٠١٢ أدرجت وزارة الثقافة الفرنسية أعماله من الموزاييك و الأيقونات القبطية والفريسك كتراث ثقافي مميز يستحق الزيارة السياحية بكنيسة الملاك ميخائيل فيلجويف- باريس .. مرة أخرى تم تكريمه بدرع جامعة الاسكندرية على مجمل أعماله فى معرض جيل الثمانينات ٢٠١٤ ، و درع التميز والإبداع من موقع المواطنة نيوز تقديرًا لدوره المتميز في الحفاظ على الهوية القبطية فى مصر والعالم ٢٠١٨ .. ورشح المركز الثقافى المصرى اليونانى بأثينا الفنان عادل نصيف ممثلا لمصر في المعرض الدولى بأثينا والذى أقيم سبتمبر ٢٠١٦ وضم فنانين من خمس دول هى روسيا وأرمينيا وبلغاريا وقبرص ومصر تحت رعاية منظمة اليونسكو، وكان يشارك الفنان بأيقونة مساحتها ١٢٠ في ٦٥ تمثل العائلة المقدسة، وتجسد الحضارة المصرية ورموز السلام والمحبة والبركة

.

حتى مع تنفيذ الأيقونات القبطية حرص عادل نصيف على إضفاء الروح المصرية الأصيلة التي تظهر كعامل مشترك في كل ايقوناته. ففي أيقونة هروب العائلة المقدسة إلى أرض مصر تظهر العائلة المقدسة على مركب فرعوني بالنيل وفي الخلفية صوّر الأهرامات التي ترمز إلى الحضارة المصرية القديمة، والنخيل الذي يعكس حبه الشديد بجمال الطبيعة المصرية، كما أظهر الفنان الراحل اهتماما واضحا في الجمع بين الماضي والحاضر. 

(..)

وازداد اهتمامه لتنفيذ الأيقونة بنفس الأسلوب القديم (على الرغم من صعوبته وخطواته الطوية ) حيث جودة وضمان بقاء أعماله لسنوات طويلة، فاستخدم خامة التمبرا (صفار بيض + أكاسيد طبيعية) وبصفة خاصة استخدام ورق الذهب بعكس المنتشر من الاستخدام السهل لورق النحاس و الذي يتاكسد سريعا ويشوه الأيقونة.

عاش فناننا الراحل عاشقًا لفنه، وبالرغم من جميع أعماله المبهرة كان متميزًا بالتواضع والهدوء.. ورغم الظروف التي يعيشها الفنان المثقف في العالم .. إلا أنه حاول برسالته الفنية الوصول إلى جوهر ما يتمناه حتى يحقق ما يريد تقديمه من محاولات إبداعية ورد فعل الإحساس بالجمال والروحانية .. قد ظهرت في إبداعات الفنان مستخدما خاماته المفضلة وتكنيكه الخاص .. فاعطى صورة مشرقة للحياة الأبدية وكل ما هو روحي والتي تؤثر في نفسية كل مشاهد لإبداعاته المتميزة التي أبرزت جماليات الخامة الكامنة في خبرة ووجدان الفنان بالفن القبطي الذي أحبه من كل قلبه .. وبالموهبة التي أعطاها له الله ..”فنعّما أيها الفنان الأمين .. كنت أمينًا لفنك ، فأقيمك في أحضان القديسين“.

Recent Posts

Leave a Comment