In In Arabic - بالعربي

مدى مصر ـ

بعد أربع سنوات انتظارًا لتحقيق العدالة، لم يعد أمام سعاد ثابت (73 عامًا) المعروفة بـ«سيدة الكرم» أملًا في عقاب المتهمين بتجريدها من ملابسها وإجبارها على السير عارية في شارع طوله 8 أمتار بعد ضربها وحرق منزلها في قرية الكرم بأبوقرقاص بالمنيا، ثم طردها وباقي أسرتها منها، سوى انتظار ما سيفعله النائب العام المستشار حمادة الصاوي الذي كلف مكتبه الفني، أمس، بدراسة أوجه الطعن على حكم جنايات المنيا براءة المتهمين الثلاثة الصادر الخميس الماضي، فور إيداع أسباب هذا الحكم، ذلك بحسب ما أكده أمير رمزي، محامي ثابت لـ«مدى مصر».

فيما استقبل الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، أمس، «سيدة الكرم»؛ سعاد ثابت فيما فُسر كأول رد فعل كنسي داعم لها بعد حكم الخميس الماضي، بحسب تغطية «الوطن». بينما أوضح رمزي  أن النائب العام هو الوحيد الذي يمتلك سلطة تحريك الدعوى المدنية ضد الجناة في تلك الواقعة باعتباره يمثّل المجتمع، لافتًا إلى أن القانون لا يسمح لموكلته بالطعن أمام محكمة النقض ضد حكم الجنايات الأخير، متوقعًا أن يحدد النائب العام موقفه من الطعن بمجرد إفصاح المحكمة عن حيثيات حكمها، في غضون الأيام العشرة المُقبلة.

في حين أبدى المجلس القومي للمرأة، اليوم، استعداده لتكوين فريق عمل للدفاع عن ثابت، وتوفير مساعدة قانونية لها في حال طلبت ذلك.

ولفت رمزي إلى أن الحكم أصاب الكثيرين بالذهول، خصوصًا وأن نفس الدائرة التي أصدرت حكم البراءة، سبق وقضت في يناير الماضي، غيابيًا بسجن المتهمين 10 سنوات، وأكدت في حيثيات حكمها وقتها على تورطهم في تعرية السيدة، مشددًا أنه «لم يجد جديد في القضية، ولم تتغيّر التحقيقات، ولم تظهر أدلة جديدة ورغم ذلك حصلوا على البراءة».

وترجع أحداث القضية إلى مايو 2016، حين جرت أحداث عنف طائفية داخل قرية الكرم بمنطقة «أبو قرقاص» بمحافظة المنيا، على خلفية انتشار أنباء عن وجود علاقة عاطفية بين أشرف عطية (نجل سيدة الكرم)، وربة منزل متزوجة -آنذاك- من أحد الحاصلين على حكم البراءة مؤخرًا. وقد شملت الأحداث قيام عدد من أهالي القرية وآخرين بإشعال النيران في منزلي سيدة الكرم وزوجة نجلها ومنازل أخرى بالقرية، فضلًا عن تعرية تلك السيدة من كامل ملابسها ثم إجبارها على السير في الشارع، وهي الأفعال التي تقدمت بشأنها ببلاغ رسمي في قسم شرطة «أبو قرقاص» ضد «نظير إ.»، الذي أُشيع علاقة زوجته -وقتها- بنجل ثابت، وشقيقه ووالده، ثم حررت محضرًا بهتك عرضها بعد خمسة أيام من الواقعة، بعدما تيقنت أن أمر التعدي عليها قد ذاع بين الأهالي وأنها لن تنجح في إخفائه.

ومن جانبه، كشف مصدر مطلع على سير القضية، فضّل عدم ذِكر اسمه، لـ«مدى مصر» عن أن تلك الأحداث الطائفية العنيفة نتج عنها ثلاث قضايا؛ الأولى خاصة بالاتهام الخاص بوجود علاقة بين سيدة من سُكان القرية وعطية، وقد انتهت بتوقيع عقوبة الحبس حضوريًا سنتين، ثم خُففت لسنة واحدة بعد ذلك على عطية، وسنتين غيابيًا للسيدة التي حال هروبها من القرية دون تنفيذ العقوبة.

وقضية ثانية تخص الاعتداءات وحرق منازل بالقرية، ضمنها منزلي ثابت وزوجة نجلها، وقد تمّ التصالح فيها ما بين المتهمين الثلاثة وجميع الأسر المسيحية باستثناء ثابت وزوجة نجلها اللتين أُجبرتا على ترك القرية منذ مايو 2016. وسبق أن صدر حكم في تلك القضية بالسجن المؤبد ضد المتهمين، ولكنه نُقض ومازالت القضية متداولة ولم يصدر فيها حكمًا نهائيًا حتى كتابة النشرة.

وبحسب المصدر، فإن القضية الثالثة تخص واقعة تعرية ثابت، لافتًا إلى أن الواقعة شملت أيضًا تعرية زوجة نجلها، غير أن الأخيرة فضّلت عدم تقديم بلاغ خوفًا من ذيوع الأمر وتأثيره على عملها كمدرسة، مُفضّلة الصمت، في حين أصرت ثابت على خوض المسار القانوني. 

وبحسب المصدر نفسه، فإن خلال المسيرة التي أُجبرت على أن تمشيها سيدة الكرم عارية، قامت سيدة أخرى بإعطائها ملابس لتغطية جسدها، ثم شهدت تلك السيدة الأخرى على الواقعة. واستُضيفت أيضًا في تغطيات إعلامية عديدة للإشادة بموقفها تجاه «سيدة الكرم»، لكن المصدر نفسه أوضح لـ«مدى مصر» أن هذه السيدة تراجعت عن شهادتها أمام المحكمة، بعد أن ضُمّ نجلها في قضية أخرى وهي الخاصة بالاعتداء وحرق المنازل، في الوقت الذي أكدت تحريات الأمن العام والأمن الوطني وقتها على حدوث الواقعة.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اعتذر لثابت، قبل أربعة أعوام، واعدًا إياها بمحاسبة المخطئين وإعمال القانون ما اعتبره الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، وقتها بأنه «خير رد على مَن أنكروا الواقعة، ويغلق الطريق أمام الحلول العرفية، ويحبط محاولات مَن يرغبون في ذلك». غير أن التدخل الرئاسي تبعه قرار من محكمة جنح مستأنف المنيا في بداية يوليو من العام نفسه، بإخلاء سبيل المتهمين الثلاث، بكفالة 10 آلاف جنيه، بعد الاستئناف على قرار حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وذلك قبل أن تقرر نيابة جنوب المنيا في أغسطس التالي، حفظ التحقيقات في واقعة تعرية ثابت لعدم كفاية الأدلة، وأنه لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة، في القضية رقم 23668 لسنة 2016 جنح أبوقرقاص، والمُقيدة ضد ثلاثة متهمين.

ما تبعه تقدم أمير رمزي، محامي ثابت، بتظلم إلى النائب العام لإعادة فتح التحقيق في القضية، وهو ما رفضه النائب العام وقتها، قبل أن يقوم سامح عاشور نقيب المحامين السابق بالتظلم، في فبراير 2017، أمام «الجنايات» وطالبها بإلغاء قرار النيابة بحفظ التحقيق، وقبلت المحكمة تظلم عاشور ثم أحالت القضية إلى «استئناف بني سويف» التي أوكلتها لدائرة بـ«جنايات المنيا» والتي نظرت هذه القضية لمدة تقترب من عام. 

وفي مارس 2019 قرر قضاة «دائرة المنيا» التنحي عن نظر تلك القضية وإعادة إحالتها لـ«الاستئناف» مرة ثانية، فتكون من نصيب دائرة بمحكمة جنايات المنيا، لتقضي الأخيرة، في يناير الماضي، بالسجن المشدد عشر سنوات بحق المتهمين الثلاث الذين حضروا جلسات المحاكمة كافة، ثم تعمدوا التغيّب عن جلسة النطق بالحكم، وهو ما تبعه تقدم محامي المتهمين بطلب لإعادة إجراءات المحاكمة، أصدرت على أثره الدائرة نفسها حكم ببراءة المتهمين الثلاث من تعرية سيدة الكرم الخميس الماضي، بعد أربع سنوات من خوض تلك السيدة للمسار القانوني ضد ما تعرّضت له.

https://www.madamasr.com/ar/2020/12/19/news/سياسة/حقوقي-تعامل-مصر-بجدية-مع-توصيات-البرلم/
Recent Posts

Leave a Comment