وطني ـ
بعد حياة حافلة بالخدمة والعطاء والروحانيات والوداعة رحل يوم الإثنين الماضي عن عالمنا الأب الورع والمعلم الجليل، القمص بيجول باسيلي مقار - كاهن كنيسة مارمرقس الرسول بفرانكفورت، ألمانيا.. وأقيمت صلوات الجناز صباح أول أمس الجمعة من كنيسة مارمرقس بفرانكفورت.
وقد تألم قداسة البابا تواضروس الثاني، بخبر نياحة هذا الأب الجليل الذي قدم حياته في خدمة الكنيسة بمصر والمهجر, وقال قداسته في رسالة تعزية: خالص تعزياتي القلبية في رحيل أبينا الحبيب أبينا بيجول باسيلي، ذلك الكاهن المبارك الذي خدم بالروح والحق في مصر وألمانيا، وله تعب وبذل في خدمته ومحبته الفياضة في الرعاية الروحية والكنسية، وكان مثالاً عميقاً في محبته للكنيسة وعقيدتها وطقوسها ولغتها القبطية.. على رجاء القيامة نودعه، ونحن في زمن أفراح القيامة المجيدة ونعزي كنيسته وأسرته وأبناءه ونيافة أنبا ميشائيل والإيبارشية، كما نعزي أشقاءه بالجسد: نيافة الأنبا ديمتريوس وأبانا كيرلس وكل أحبائه المباركين.. نياحاً للراحل الأمين وعزاء لنا أجمعين.
الحقيقة أبونا بيجول كان خادماً وكاهناً متواضعاً وتعب كثيراً من أجل الكنيسة وأبنائها سواء في خدمته بمصر بكنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف أو في خدمته بألمانيا، وهذه الخدمة النارية ترجع لبداية تكوينه ونشأته.. أبونا الجليل ولد من أسرة تعيش في مدينة الإسكندرية تتكون من أب وأم قبطيين أصيلين لهما أحد عشر ابن وابنة.. منهم نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي، أبونا كيرلس باسيلي من رعاة الكنيسة القبطية بهولندا، وأمنا أغابي وأمنا يوستينا وتاسوني أنجيل زوجة المتنيح القمص بيشوي كامل, والتي رحلت عن عالمنا في نوفمبر من العام الماضي.
هذه الأسرة رغم عددها الكبير إلا أن أبناءها متميزون في تنشئتهم، فقد نشأوا على التكلم باللغة القبطية، فيتحدثون باللغة القبطية كلغة أولى في منازلهم وأينما ذهبوا.
ومن أقوال المتنيح الأب بيجول باسيلي راعي الكنيسة القبطية بفرانكفورت عن نشر اللغة القبطية واستمرار تواجدها: «اللغة هي هوية الشخص التعبيرية, وهي أيضا العمود الفقري للشخصية, فأذكر أنني قابلت طبيبا ألمانيا في برلين, وسألني هل أنت مصري؟ فقلت: نعم, فسألني: وأين لغتك؟ فقلت له: لغتي القبطية هل تريد أن تتعلمها وهنا أبدي أسفه, لأن مصر لغتها الرسمية هي لغة وافدة عليها وأن مصر تنبذ لغتها الحقيقية،»
وقال مثلا: «إنه في ألمانيا يعلمون في المدارس كل التلاميذ الأجانب لغتهم الأم حتي يمكنوا الأجانب من الحفاظ علي تراثهم الحضاري.
اللغة القبطية فعلا مازالت متواجدة في حياتنا ففي مصر نستخدم في اللغة الدارجة الكثير من الألفاظ القبطية دون أن يعلم ناطقوها بأنهم يتحدثون ألفاظا قبطية مثل كلمة فلافل وكلمة عفاريت وكلمة بخ وكلمة ترابيزة وغيرها الكثير، ولكن يجب أن تكون متقنا للغة القبطية حتي تدرك أن هذه الكلمات قبطية وليست عربية، وعندما تزوجت كان شرطي في الإنسانة التي أريد الارتباط بها بالرباط المقدس هي أن تكون إنسانة قبطية تجيد اللغة القبطية ومستعدة أن تشاركني حماسي للغة القبطية ومستعدة أن تعلم أبناءها تلك اللغة، وفعلا منذ اليوم الأول للزواج صممنا أنا وزوجتي أن تكون اللغة الأم لأبنائنا هي اللغة القبطية، وهو ما قد حدث بالرغم من أنهم يعيشون في ألمانيا ومولودين فيها إلا أنهم يتحدثون القبطية بطلاقة مذهلة.»