In In Arabic - بالعربي

المستشار نبيل صليب عوض الله ـ المصري السوم ـ

سبق أن نُشِرَ لنا بجريدتنا المفضلة والمتميزة – «المصرى اليوم»- مقالات عدة نقداً للقانون سمى خطأ بقانون بناء الكنائس، وهو فى حقيقته ومبتغاه قانون مانع لبناء الكنائس، مهما تستر أو تجمل وراء عنوانه، فالعنوان مناقض تماماً لمضمونه، وذلك لما اشترطه هذا القانون من شروط متعسفة، ولا سابقة لها من قبل ومستحيلة التنفيذ، فضلاً عما شابه من عوار دستورى وعيب تشريعى، وأفضل مكان لهذا القانون هو مدرجات كليات الحقوق لتدريسه كنموذج مثالى للقانون المعيب.

فالغاية من أى قانون هى تنظيمه لأمر ما، أو تقديمه حلاً لمشكلة ما، على عكس قانوننا، فهو لم يحل مشكلة بناء الكنائس، بل زادها تعقيداً وغموضاً. ففى الماضى كان الباب موارباً لأى محاولات أو مفاوضات من جانب الكنيسة مع المسؤولين باختلاف مناصبهم ومواقع وظائفهم للحصول على ترخيص بناء كنيسة، وقد يستمر الاستجداء والوساطة لسنين عديدة. أما الآن فقد أصبح الباب موصداً بالضبة والمفتاح، بعد أن أصبح عدم البناء مقنناً. ومما زاد الطين بلة صدور قرار رئيس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 بتشكيل اللجنة المنصوص عليها فى المادة الثامنة من قانون بناء الكنائس برئاسته شخصياً وعضوية ستة وزراء وثلاث جهات أمنية من العيار الثقيل وممثل عن الكنيسة وهم:

1- وزير الدفاع والإنتاج الحربى. 2- وزير الإسكان. 3- وزير التنمية المحلية. 4- وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب. 5- وزير العدل. 6- وزير الآثار. 7- ممثل عن جهاز المخابرات العامة. 8- ممثل عن هيئة الرقابة الإدارية. 9- ممثل عن قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية. 10- ممثل الطائفة المعنية.

فهذا القرار سار على ذات نهج القانون فى التشدد والغلو، ولى على هذا التشكيل الملاحظات الآتية:

1- وفقاً للتشكيل الوارد بالقرار لا بد من حضور ستة الوزراء بأنفسهم لأن القرار استلزم حضورهم شخصيا دون نائب أو ممثل عنهم كما فعل بالنسبة للجهات الأمنية الثلاث بالاكتفاء بممثل عنهم.

2- هذا التشكيل يجعلنا أمام حلين لا ثالث لهما، إما أن وزراءنا ليس لديهم أى مسؤوليات أو ما يشغلهم فى وزاراتهم، ولديهم فائض وقت لا يعرفون كيف يقضونه، وإما أن المهمة المسندة إليهم باللجنة من الخطورة بمكان لا تقل عن إعلان حرب.

3- وإنى أتساءل: هل تقنين وضع بناء مستخدم للصلاة منذ عشرات السنين أو مبنى تابع للكنيسة كدور حضانة أو بيت مسنين أو مستوصف لعلاج فقراء المصريين على اختلاف دياناتهم فى حاجة إلى اجتماع هذا التشكيل الوزارى الحربى.

4- إن اشتراك هذه الكوكبة من الوزراء (super) وممثلى الجهات الأمنية فى لجنة واحدة سيجعل من العسير أن توفق ظروف عملهم فى الاجتماع معاً، وبالتبعية سيتأجل الاجتماع أكثر من مرة لاكتمال العدد، ويستمر توفيق أوضاع ملحقات الكنائس معلقاً لسنوات قادمة.

5- أغلب الوزراء وكل الجهات الأمنية لا شأن لهم بمهام اللجنة، وإقحامهم فى أعمال اللجنة يضرهم أكثر مما ينفعهم، ويثير تساؤلات وعلامات دهشة كثيرة.

6- اشتراط اجتماع هذا التشكيل الوزارى والهيئات الرقابية ترتب عليه البطء الشديد فى أداء عمل اللجنة، فأعضاؤها جميعهم عندهم من المهام والمسؤوليات ما تنوء بحمله الجبال.

7- ماذا يفعل مندوب واحد عن الكنيسة حسب تشكيل اللجنة أمام ستة وزراء بالإضافة إلى رئيسهم وثلاث جهات أمنية قمة، فهل هذا التشكيل بكثافة أعضائه وجميعهم وزراء من الوزن الثقيل، مقصودٌ منه إرهاب الكنيسة أم تهميشها بإشراك عضو واحد عنها لا دور ولا قيمة لصوته وسط هذه الكوكبة والأفضل الانسحاب من هذه اللجنة، لأن وجوده يتساوى مع غيابه.

8- إن ما يدهشنى أن ما يخص الكنيسة فى مصر يشترك فى تقريره كل وزارات الدولة كالحربية والداخلية والمخابرات وأمن الدولة والرقابة الإدارية، وفقاً لهذا القانون unique أى لا مثيل له.

وختاماً أناشدك يا معالى رئيس الوزراء، يسر ولا تعسر، فهذا تكليف إلهى، كما ورد بسورة البقرة، وذلك بتبسيط عمل اللجنة وسرعة البت فى الطلبات المعروضة بتعديل قرار تشكيل اللجنة وقصره مثلاً على ثلاثة أعضاء، أى لجنة ثلاثية تشكل من محافظ الإقليم ومندوب عن وزارة الإسكان وممثل عن الكنيسة، وللجنة الحق فى الاستعانة بمن تراهم فى حاجة إليها من كافة الوزارات ومؤسسات الدولة.

ولماذا هذه المركزية والتشدد والأثقال على مجلس الوزراء المثقل أصلاً بسبب المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقه بإدارة كل شؤون الوطن.

والله الموفق، وتحيا مصر، فمصر ليست هبة النيل، كما قال هيرودوت، بل هبة المصريين فالنيل يجرى بطول أفريقيا، ولم تنشأ حضارة على جانبيه إلا فى مصر

https://www.almasryalyoum.com/editor/details/3920

المستشار نبيل صليب عوض الله هو رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق ورئيس اللجنة العليا للانتخابات السابق

Recent Posts

Leave a Comment