مدى مصر ـ
انتخب مجمع رهبان دير سانت كاترين، الأحد الماضي، سمعان (سيميون) بابادوبولوس، مطرانًا جديدًا، بعد اقتراع حصل فيه على 19 صوتًا من أصل 20، مع تركه بطاقته فارغة وفقًا للتقليد الرهباني القديم، بحسب مصدر مطّلع قال لـ«مدى مصر» إن اليونان كان لها «يد واضحة» في هندسة مسار الانتخاب بما ضَمِن فوز سيميون.
جاء الانتخاب بعد أسابيع من توترات داخل الدير، أعقب تصويتًا داخليًا بعزل المطران السابق، داميانوس، ردَّ عليه الأخير بطرد الرهبان من قلاياتهم عبر أفراد أمن خاص، في واقعة غير مسبوقة داخل أقدم دير مأهول في العالم.
وفي إطار احتواء الأزمة وبعد ضغوط كنسية، أصدر داميانوس، الجمعة الماضي، بيانًا أعلن فيه التنحي عن رئاسة الدير، داعيًا الأخوية إلى انتخابات جديدة لن يتمكّن من حضورها لأسباب صحية. وقال إنه يرفع العقوبات عن «الرهبان المتمرّدين» ويدعو إلى سحب البلاغات المتبادلة «درءًا للشقاق»، معلنًا أنه سينسحب ليقضي «ما تبقّى من أيامه في اليونان»؛ وفقًا للبيان الذي اطلع عليه «مدى مصر». وفي اليوم نفسه، أعلن الرهبان، في بيان اطلع عليه «مدى مصر»، سحب البلاغات، فيما هدّأت بطريركية القدس الأجواء بالتراجع عن خطوة «شَلح» داميانوس بعد قراره بالانسحاب، وفقًا للمصدر.
رئيس الدير الجديد حظى بدعم من الصحافة اليونانية، إذ وصفه موقع «iefimerida» بأنه «معتدل وتوافقي ومتعاون مع اليونان»، معتبرًا أن انتخابه يمهّد لإعادة توحيد الجماعة، ويفتح الطريق أمام اتفاق مع مصر بشأن أصول الدير.
أما المصدر الذي تحدّث إلى «مدى مصر» فاعتبر أن مسار الاختيار تم هندسته. فوفقًا للائحة دير سانت كاترين، يشترط للترشح أن يكون عمر الراهب بين 35 و70 عامًا، وأن يكون ترهّبن داخل الدير، وأن يكون كاهنًا، وهي شروط انطبقت على خمسة فقط؛ اثنان بلا قاعدة شعبية، وثلاثة دار بينهم التنافس الفعلي. الفائز، كان وكيل المطران السابق، وتُؤخذ عليه، بحسب المصدر من داخل الدير، سلبيّةٌ في التعامل مع شكاوى الرهبان خلال السنوات الأخيرة، وإخفاء موافقة داميانوس على قانون يوناني ينشئ هيئة عامة مقرّها أثينا بصلاحيات واسعة على ممتلكات الدير داخل وخارج سيناء، ما اعتبرته الأخوية تهديدًا لاستقلالية الدير ودافعًا لعزل داميانوس في يوليو الماضي.
وفقًا للمصدر المطلع، استُخدمت أوراق التسريح الكنسي في اليونان كأداة ضغط؛ إذ كان للراهبين المنافسين أخويّات أو إقامات كنسية في اليونان، فتم تعطيل إجراءات تسريحهما من تلك الأديرة، ما أفقدهما أهلية الترشح، وحال دون حصول أحدهما على إذن المشاركة في التصويت، «هكذا ضاق الهامش أمام الرهبان، ووجدوا أنفسهم أمام خيار واحد»، يقول المصدر، موضحًا أن المطران السابق طرد هذان الراهبان من الدير خلال الفترة الأخيرة، بسبب اختلافهم مع سياساته.
ومن المقرر أن يُرسم المطران الجديد في القدس خلال ثلاثة أسابيع على أقصى تقدير، على أن يُنتخب بعدها مجلس شورى جديد (وهو المجلس الإداري الأعلى للدير). وبحسب المصدر، سيعرض بابادوبولوس جدول أعماله بعد الترسيم، وحينها ستتضح خططه في الأمور المعلقة، مثل القانون اليوناني الجديد، وقضية الأراضي في مصر.
أواخر مايو الماضي، قضت محكمة استئناف الإسماعيلية بطرد رئيس الدير من 14 قطعة أرض من أصل 71 داخل وخارج الأسوار، مع إبقاء 57 كـ«حق انتفاع» لا كملكية. وبعدها بأسابيع، أقرّ البرلمان اليوناني، بموافقة المطران السابق، قانونًا ينشئ هيئة عامة في أثينا تُمنح صلاحيات على ممتلكات الدير، ما اعتبرته الأخوية انتقاصًا من سلطة «مجمع الآباء» واستقلال الدير التاريخي.
_________________
