In In Arabic - بالعربي

مجدي خليل ـ

لم أفاجأ أن بطل القصة المنشورة أدناه هو السفير معصوم مرزوق، ولا أن الذي روج لها هو الكاتب عمار على حسن فكلاهما متعصب إسلاميا، وكما قال السيد المسيح له المجد «لغتك تظهرك»، ومتابعة كل منهما توضح عمق الأسلمة المخربة التي تعشعش في أدمغتهما والتي يدارونها تحت لافتة المعارضة السياسية.

ولكن هذه القصة لها جانب آخر مهم وهو دور الدولة المصرية في الأسلمة داخليا وخارجيا، ومدينة البعوث الإسلامية التابعة للأزهر هي أكبر دليل على ممارسة هذه الأسلمة على المستوى الدولي، واختفاء القبطيات هي الدليل الأكبر على ممارسة الأسلمة داخليا في مصر.

الغريب لم يعلق أحد على قيام دبلوماسي مصري في سفارة بدولة مسيحية بأسلمة سيدة متزوجة ولديها أبناء، وأسلمة زوجها الكاثوليكي، كما ينكرون أن يقوم ضابط أمن دولة بنفس المهمة داخل مصر، رغم أن هذا الضابط أو ذاك هذا دوره لأنه ضابط في قسم الأقباط في الأمن الوطني.

الدولة المصرية بكافة أجهزتها وسلطاتها الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية تمارس الأسلمة ضد الأقباط، وعندما تتاح لها الفرصة تنخرط في أسلمة العالم سواء فكريا أو عمليا، وعدد المتطرفين الذين صدّرتهم مصر للعالم خير دليل على ذلك، وهذه القصة المنشورة دليل عملي آخر.

إليكم القصة كما كتبها معصوم مرزوق وروج لها عمار على حسن

*******

زواج إسلامي علي الطريقة الكاثوليكية

بقلم : معصوم مرزوق* ـ المشهد ـ
(* مساعد وزير الخارجية الأسبق)

بدأت الحكاية ذات يوم في كيتو / الأكوادور، حين اقتربت إحدى فتيات أسرة فلسطينية مهاجرة منذ بداية القرن الماضي ، والفتاة “ليلى” تمثل الجيل الثالث من تلك الأسرة .

كانت لا تعرف سوي كلمات قليلة من العربية التي لا يجيدها في الأسرة سوي الجد، وكانت الأسرة على علاقة طيبة بأجيال متتالية من الدبلوماسيين المصريين الذين خدموا في الإكوادور .

في حفل استقبال بمنزل السفير اقتربت ليلي كي تتعرف على الدبلوماسي المصري الشاب الجديد، ودار بينهما حديث تقليدي عن الطقس، وبعض اخبار السياسة، وقبل أن تنصرف سألها الدبلوماسي الشاب ببراءة عما إذا كانت تزور فلسطين.

وكأنما فتح السؤال جرحاً عميقاً، أو حرك حجراً من فوق فوهة كهف غامض مظلم، انتقل الحديث فجأة بحرارة إلى مناطق العقائد والهوية، وكانت ليلي تنصت فاغرة فاها في اشتياق للمزيد .

ولذلك لم يكن عجيبا أن يتكرر اللقاء مرات متعددة في أماكن مختلفة، وكان بعضها لأهداف سياحية بحتة، حيث آلت على نفسها أن تكشف له مغاليق السحر في تلك الأرض الجميلة .

تحدثت عن مدي حبها لزوجها ” إنريكي” وطفليهما الجميلين، ولعلم الدبلوماسي أن الأسرة الفلسطينية مسلمة، لا يزال الكبار فيها يراعون بعض المظاهر الشكلية للدين ومنها “الجوع” نهار رمضان، فقد استدعي ذلك من الدبلوماسي المصري الشاب جرأة كي يسألها ذات مرة عن كيفية التوفيق بين عقيدتها وزواجها، فهي لا تزال تدعي الإسلام، بينما زوجها “إنريكي” كاثوليكي محافظ لا يفوت صلاة الأحد وهي والطفلان يصاحبونه في ازهي الثياب .

شرحت ليلي ببراءة وبعض الحماس أن الله واحد سواء كان طريقه عبر أقانيم الكنيسة، أو صلوات المساجد (ولم يكن في كيتو وقتها أي مسجد) .

كانت العلاقة قد تطورت بحيث لم يجد الدبلوماسي غضاضة بأن يصارحها بموقف الدين الإسلامي من زواجها، ولا يزال يتذكر دهشتها، بل وغضبها حين احتدت المناقشة ووجد نفسه يتخلى عن كل مقتضيات الدبلوماسية ويقول لها بجرأة جارحة أن علاقتها مع زوجها من نظر الشرع لا تزيد عن علاقة زنا محرم !.

انقطعت ليلي عن اللقاء أو الاتصال لفترة طويلة بعد ذلك الحوار الصاخب، وكان يلوم نفسه على صراحته التي رأي أنها لم تكن لتغير واقعاً لدي المئات من الأسر الشامية التي هاجرت إلي دول أمريكا اللاتينية فترة الحكم العثماني في الشرق. لقد تسبب ما حدث في خسارة شخصية لصداقة مثمرة على المستوي الشخصي والمهني .

وصباح يوم ممطر، فوجئ بالسكرتيرة ماريا اوجستا تخبره هاتفيا بأن “ليلى” حضرت لزيارته بالسفارة، وهي تنتظر في الصالون. وكان ذلك أمر مبهج ومربك في آن، فهو كان يتوق لاستئناف ما انقطع من صداقة، ويحاول انتحال الأعذار كي يقابلها، ولم يكن قد سبق لها زيارته في السفارة من قبل، ولا يعرف كي يفسر ذلك للسفير.

سألته بشكل محدد عما إذا كان ما قاله يعكس موقف الشريعة الإسلامية فعلا، ثم ما الحل وهي تعشق زوجها وأطفالها؟ لقد تردد في الإجابة، وحاول التهرب مرات ومرات لكنها أحكمت الحصار، وكان بطبعه يأبى خداع الآخرين، فاضطر أن يقول لها في النهاية أن الحل هو أن يشهر “إنريكي” إسلامه ، أو أن تطلق منه!

طلبت منه بعض الكتب، ولحسن الحظ كانت هناك مجموعة كتب في الفقه الإسلامي باللغة الإسبانية من إصدارات وزارة الأوقاف، فقدمها لها .

وغطست ليلي واختفت تماما لأسابيع، حتى تلقي الدبلوماسي اتصالا هاتفيا من كبير العائلة الفلسطينية يدعوه للقاء في قصره، وهناك تحدث معه الشيخ مؤنبا لأنه قوض هناء واستقرار حفيدته، وكان الموقف محرجا للغاية، ولكن الدبلوماسي تخلص من اللقاء بلباقة واعدا ألا يلتقي بالحفيدة مرة أخري .

كان الدبلوماسي الذي بدأ بالكاد مهنته الدبلوماسية يدرك مدي سيطرة الجانب المحافظ من الكنيسة الكاثوليكية على الحياة في أمريكا اللاتينية بوجه عام، وفي المجتمعات الصغيرة بوجه خاص مثل المجتمع الاكوادوري، وشعر لفترة أن ما اثاره مع ليلي قد يتسبب في مشاكل جمة له وللسفارة التي لا تمارس التبشير الديني ضمن وظائفها.

لم تمض أيام حتى دعته ليلي إلي منزلها الأنيق في إحدى ضواحي كيتو البديعة، وجدها تنتظره ومعها زوجها على العشاء، وفي أثناء ذلك فوجئ بها تطلب منه أن يشرح لإنريكي ما قاله لها بشأن بطلان زواجها منه، وأوضح إنريكي من جانبه أنها منذ اسابيع أصبحت ممتنعة عليه، وترفض أي علاقة حميمية معه .

أسقط في يد الدبلوماسي الشاب، وشعر أنه سقط في حالق، فبالإضافة للمشاكل الكثيرة التي يمكن أن يثيرها هذا الموضوع في مجتمع كاثوليكي محافظ، فأن الزوج يشغل وظيفة هامة في جهاز الأمن الأكوادوري، أي أن المشكلة قد تتجاوز العلاقات الدبلوماسية وتمتد إلى تهديد مباشر لحياته .

كاد أن يضعف ويقدم تفسيرات كمخرج للزوجين، ولكنه تذكر أن أباه كان ينصحه دائماً بأن “الصدق منجي، وإن المروءة تقتضي قول الحق ” .. فبدأ الرد بالقول: “لقد قال الإنجيل أن الحقيقة تصنع منا أحراراً” ، ثم طفق بكل ادب يشرح سلامة موقفه .

قالت ليلى انها أعطت الكتب التي طلبتها إلى زوجها كي يشهر إسلامه، ولكنه غير مقتنع بما قرأه ويريد المراجعة مع الدبلوماسي المصري صديق العائلة .

اتفقوا في تلك الليلة التي لا تنسي على أن يلتقي الدبلوماسي مرتين أسبوعيا مع إنريكي للمناقشة ومحاولة إقناعه، لمدة شهرين، فإذا أصر على موقفه، أسلمها شهادة ممهورة من السفارة كي تطلق منه رسمياً، قالت ذلك وعينيها مغرورقتين بالدموع .

حضرت ليلي كل اللقاءات مع زوجها فيما بعد، واتضح أنها لم تكتف بما قراته من كتب السفارة وإنما توسعت في ذلك حتى صارت الحقائق لديها عين يقين، ليس هذا فحسب، بل أنها نجحت في إقناع شقيقها الذي كان يدرس في إسبانيا، وعاد ومعه خطيبته الإسبانية كي يتزوجا في كيتو في افخر فنادقها، وطلبت ليلى أن يشرف الدبلوماسي المصري علي مراسم الزواج على الطريقة الإسلامية مع مراعاة بعض المظاهر الشكلية في الاحتفال حتى تتمكن العروس جلاديس أن ترسل صور الفرح إلي أسرتها علي اعتبار أنه تم في كنيسة .

وقبل موعد الفرح بأسبوع، حضر إنريكي وحده إلى مقر السفارة، وطلب أن يشهر إسلامه بين يدي الدبلوماسي المصري، ويتسلم شهادة رسمية بذلك، وقد أكد عليه الدبلوماسي أهمية أن يكون مقتنعا ولا يكون الهدف فقط هو الإبقاء على زوجته ، وسمع من إنريكي ما يؤكد أنه أصبح مقتنعا تماما بما يقوم به .

وبعد أسبوع ، كان الدبلوماسي المصري يتولى مراسم زواج شقيق ليلي، بمضمون إسلامي، ومظاهر مسيحية، بدأه بقراءة سورة الرحمن بصوت رخيم، أعقبه بتلاوة كلمة سبق إعدادها عن قيمة الأسرة في الإسلام، ثم وقف العروسان بين يديه وهو يتلو عليهما الإيجاب والقبول، ثم أعلنهما زوجين وطلب من الزوج أن يقبل زوجته بين تصفيق وصياح الحضور من علية المجتمع الإكوادوري .

وقبل أن يغادر الدبلوماسي مهام عمله في الإكوادور بعد أربعة أعوام ثرية، أصبح لكيتو مسجد ترفع فيه شعائر الإسلام لأول مرة منذ أن فتحها الغزاة الإسبان الذين قضوا على الحضارة الإسلامية في إسبانيا

____________________________

https://www.elmashhad.online/Post/details/177458/%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-!

الصور المرفقة عن مراسم الزواج نشرت في كل الصحف والمجلات الإكوادرية آنذاك

Recent Posts

Leave a Comment