أشرف حلمي ـ أقباط متحدون ـ
مازالت الأقلية المسيحية بالسودان تعاني الانتهاكات الممنهجة ضدهم على مدار السنوات الماضية، سواء كان علي يد الأنظمة الإسلامية الحاكمة أو التنظيمات والجماعات الإرهابية إضافة الي المؤسسات والاحزاب الإسلامية المدعومة والمعترف بها حكومياً. مثلها مثل الدول التي يقطنها أقليات مسيحية خاصة بالشرق الأوسط، فقد عانى مسيحيو كل من السودان ومصر الأمرين من جانب نظامي البشير ومرسي الإسلاميين السابقين كالتمييز العنصري والاعتداءات الإرهابية على أعراضهم، وكنائسهم وممتلكاتهم، والتي تصدرت عناوين الصحافة والقنوات الإعلامية العالمية وأدانتها معظم دول العالم، ومنظمات حقوق الأنسان، وأكدتها تقارير عدد من الجهات العالمية حول الحريات الدينية. وقد تحسنت أوضاعهم عقب تغيير الأنظمة الحاكمة بعض الشيء، وليس بكثير بسبب اعتناق معظم القائمين على مؤسسات دولهم بالفكر الوهابي..
إلا أن اندلاع الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني العام الماضي، قد ألقت بظلالها على مسيحيي السودان من جانب قوات الدعم السريع التي قامت بالاعتداء البربري على منازل الأبرياء وتجريدهم من أموالهم، والهجوم الوحشي دون رحمة علي عشرات الكنائس وتحويل البعض منها الي ثكنات عسكرية.
وتعد هذه الجرائم انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان ولا تقل عما فعله تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق. ومنها على سبيل المثال الاعتداء على كنيسة مار جرجس في حي المسالمة بأم درمان (التابعة للأنبا صرابامون أسقف عطبرة وأم درمان وشمال السودان) تحت تهديد السلاح، وإطلاق النار على المتواجدين داخل الكنيسة ونهب ممتلكاتها وسرقة أموال التبرعات، وتخريب مبني الكنيسة بما فيها مقر الأسقف. كذلك الاعتداء على كنيسة السيدة العذراء مريم، مقر مطرانية الخرطوم (التابعة للأنبا ايليا أسقف الخرطوم وام درمان) حيث قام المتمردون بتدمير وتخريب الكنيسة والاستيلاء عليها وتحويلها إلى مركز لإدارة عملياتها العسكرية .
عقب هذه الأحداث الدامية التي تعرضت لها الأقلية المسيحية في السودان، التي يقدر عددها بحوالي ٢ مليون ونحو ٥٪ من عدد السكان، غادر الذين يمتلكون المال البلاد الي دول الجوار، وسط غياب متعمد للضمير والقانون العالمي، اللذان فشلا سابقا في حماية الأقليات المسيحية في العديد من دول أفريقيا والشرق الأوسط، بينما ظل الفقراء الذين لا يمتلكون المال عالقين في عدد من الكنائس القبطية، التي تحولت الي معسكرات للاجئين تحت إشراف الآباء الأساقفة الذين رفضوا الخروج من السودان وقرروا البقاء جوار أبنائهم.
كل ذلك يحدث دون أي اهتمام من الدول الغربية في تقديم المساعدات الإنسانية وتجاهل أوضاعهم المعيشية الصعبة وعدم النظر الي الغالبية العظمي من طلبات هجراتهم وسماع أصواتهم، وذلك على عكس ما قامت به هذه الدول تجاه اللاجئين من سوريا والعراق وأخيراً غزة بقبول الآلاف منهم دون النظر الي أوراقهم الثبوتية والتأكد مما إذا كانوا ضمن مجموعات إرهابية. والآن تعاني هذه الدول من العمليات الإرهابية التي يقوم بها البعض من المهاجرين الذين تم قبولهم طبقاً لمعتقداتهم كما حدث في المانيا وفرنسا مؤخرا، والتي لن تتوقف لاحقاً إلا إذا غيرت هذه الدول من سياستها تجاه طلبات الهجرة من دول الشرق الأوسط وقامت بتعديل قوانينها تجاه المهاجرين الذين يريدون فرض شرائعهم ومعتقداتهم بالقوة قبل أن تنفجر الأوضاع نحو حروب أهليه، ويعيد التاريخ نفسه عند طرد أسبانيا للغزاة من أراضيها وتطهيرها منذ زمن طويل .
__________________