In In Arabic - بالعربي

د. شريف يونس (*) ـ

ـ مفترض إن عودة الطفل شنودة لأهله اللي ربوه خاتمة سعيدة لحدث مؤسف (بافتراض إن دا قرار نهائي مش مؤقت). الحقيقة مفيش أي شيء سعيد في القصة دي اللي بتكشف عن مجتمع ودولة عندهم المفروض قوانين ودستور وأجهزة، لكن عقليتها متدمرة ممكن تتوصف بعبارة متناقضة بإنها “بربرية منظمة”. منظمة لأنها بتتعمل من خلال “قوانين” أحيانا، وفتاوي ساعات، ودايما من خلال مؤسسات منصوص عليها في الدستور. لكن خلاصة التركيبة دي كالآتي:

ـ آخر شيء كان له أهمية في القصة كلها هو الطفل نفسه. أول وأسوأ حاجة اتعملت هي نزع الطفل من أهله اللي ربوه ووضعه في ملجأ “مسلم” (أي واللاهي: الملجأ هنا له دين وبيصلي وبيصوم كمان). ما اتسابش مع أهله على وضعه لحد ما يتم حسم وضعه القانوني.

ـ المجتمع البربري أخرج في المناسبة دي (زي مناسبات غيرها كتير) جواهره الطائفية النقية ورحب بالإجراء الرسمي العظيم اللي اتاخد. وطبعا لزق على الموضوع تفافة أخلاقية؟ أصلنا عايزين نضمن له إنه يبقى على “الدين الصحيح” علشان يخش الجنة، لأن دي طبعا مصلحته العليا! مصلحته هو طبعا، مش مصلحة القطيع ذو الفحيح.

ـ بعد ما الموضوع بقى فضيحة وريحته الطائفية طفحت على البشرية، وبعد ما حصل اللي حصل للطفل لشهور، قررت النيابة الإفراج عن “الأسير” علشان يرجع بعد 6 شهور لأهله، نفسيته غالبا متدمرة ومش فاهم إيه اللي حصل معاه.

ـ اللطيف والظريف بقى إن قرار إعادة الطفل لأهله كان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الفضيحة اللي حصلت، مش إنقاذ الطفل نفسه، لأنه اتاخد بناء على فتوى من برا القانون أساسا، لأنه في الواقع القانون كان آخره هو تحويل حالة الطفل من ناحية النسب إلى ما يسمى “كفالة اليتيم”. يعني القرار علاقته بمصلحة الطفل علاقة عرضية (باستثناء مصلحته الأخروية المزعومة طبعا اللي أطاح بيها قرار الإعادة واعتراف الدولة بإن الطفل “مسيحي”، كأن دي هي المشكلة).

ـ وتأكيدا على مبدأ منع التبني، قررت النيابة منح الطفل اسم مسيحي رباعي، وبالتالي مش حيتنسب لأهله (وعموما دي مش مشكلة لأن اللي حصل مش قليل ومعادش ينفع يعيش كطفل طبيعي خلاص).

ـ وبالمناسبة بقى، تفسير منع التبني بعدم خلط الأنساب مجرد تبرير، لأن فيه قاعدة تانية عكس الحجة دي بالظبط: الولد للفراش، أي للزوج بصرف النظر عن الأصل الجيني.

ـ الحل الوحيد اللي ممكن يصلح الكوارث دي إن لو الأهل دول عندهم فلوس كافية (طمعت في وراثتها الست اللي اشتكت وبدأت القصة)، يطلعو بالواد برا صفيحة الزبالة دي ويعيشو في دولة محترمة يقدرو فيها يحاولو يخلو الطفل شنودة ينسى اللي حصل بقدر الإمكان ويلاقي رعاية نفسية لا يمكن يقدر يوفرها المجتمع المنفسن دا، بما فيه معظم أطباؤه النفسيين المصابين بنفس الفيروس. ودا حيكون أول إجراء يتاخد لمصلحة الطفل نفسه، مش مصلحة العقد المجتمعية والتاريخية، من ساعت ما القصة دي ابتدت.

________________________________________

 (*)د. شريف يونس أستاذ تاريخ بجامعة حلوان

https://www.facebook.com/sherif.younis.11
Recent Posts

Leave a Comment