In In Arabic - بالعربي

إيمان رسلان ـ المصور ـ

هل يعود الحديث عن الخلافة والحكم السياسي للواجهة من جديد؟

هل الإسلام دين ودولة كما قال حسن البنا؟ هل الإسلام به تعاليم محددة قطعية الثبوت للنظم الحكم السياسي ولشكل نظام الحكم والحكومة، ومنهج وحيد يطبق في الاقتصاد والعلم والثقافة، بل الاعلام والاعلانات أيضا؟

هذا الفكر هو ما قالت به جماعة الإخوان ومارسوا وصايتهم من خلاله على المجتمع بدءا من حسن البنا وأدبيات سيد قطب والجماعات المتطرفة والسلفية، ومن خلال هذه المقولات مثل «الاسلام دين ودولة» استطاعوا التوغل في المجتمع من أسفل، بل وصلوا لرئاسة مصر.

ولكن ماذا لو أن نفس المضمون تضمنته مناهجنا الدراسية في التعليم الرسمي، وبكتب توزعها وتدرسها وزارة التعليم للطلاب؟! وتحديدا في المرحلة الاعدادية بكتاب التربية الدينية بالترم الأول للصف الثاني الإعدادي، في درس «الاسلام دين ودولة» بدون امضاء، وشعار الاخوان السيفين وبينهما المصحف طبقا لعلم وشعار الاخوان أو حتى علم داعش؟

ففي صفحة ٢١ من كتاب التربية الدينية ترد الفقرة الآتية:

(قالت المعلمة إننا نردد كثيرا كلمة الدين، والآن نريد أن نعرف مفهوم الدين في التصور الإسلامي. فقالت الطالبة أسماء: سمعت أحد العلماء الأجلاء في التليفزيون يقول أن التصور الإسلامي هو المنهج السماوي الذى ينظم كل أمور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والادبية).

انتهى الاقتباس من الدرس المقرر على ما يقرب من ٢ مليون تلميذ بالسنة بالإعدادي، ومنذ سنوات أي أن عددهم الآن تجاوز هذا الرقم بكثير!

وهنا علينا ان نتوقف ونسأل هل هناك فارق بين الكلمات السابقة بالدرس وبين كلمة حسن البنا «الاسلام دين ودولة»؟! إنها نفس الكلمات والمضمون، ولكن بدون امضاء حسن البنا والإخوان المسلمين والسلفين.

(..)

لم يكتف الكتاب المدرسي (ومرفق مع المقال صورة رسمية من الكتاب الحكومي الرسمي ومن موقع الوزارة للمناهج الدراسية) ففي صفحة تحمل رقم ٢٣ تقول الفقرة:

(إننا نستطيع القول بأن منهج الله كما جاء بالقرآن والسنة هو الذي يوجهنا في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويوجه الروابط والعلاقات ويحكم تصوراتنا وسلوكياتنا الثقافية والتربوية والعلمية والادبية والفنية والاعلامية والإعلانية وكل شأن من شئون الناس في الحياة).

انتهت الفقرة بالكتاب المدرسي، وأسال ما هذا الجزم المطلق واليقيني؟ أليس هذا هو نفس ما يروج له الإخوان والسلفيون نصا ومضمونا؟ وأتساءل هل تحدث الإسلام في شئون الإعلام والإعلانات مثلا كما يقول الدرس؟! هل كان في الماضي إعلانات مثلا أو صحف ومجلات كما هي الآن؟! أم هذا اجتهاد وفقه شيوخ البرامج والترند؟ ليس هذا فقط، بل قال الدرس أن الدين ينظم الامور العلمية ولم أفهم هل المقصود مثلا وجود فيزياء أو رياضيات إسلامية أم جغرافيا إسلامية مثلا؟؟!! وهل هذا صحيح علميا الآن؟ ولماذا لم يذكر الدرس ويحث على تعدد الآراء وضرورة البحث والاجتهاد العلمي؟

لماذا أقحم الدرس كلمات عن الفن والادب والثقافة؟ وهل هناك اقتصاد إسلامي؟ وما هو حيثياته وهل نعيد معركة البنوك مثلا وهل هي حلال أم حرام؟؟

ومن هنا نستطيع أن نفهم ونفسر لماذا طغى وأصبح كل شيء في حياتنا الآن نسأل ونطلب فيه رأى الدين وتحديدا علماء البرامج.

بل نستطيع كذلك أن نفسر سر الحملات الدائمة والهجوم والترند على أي موقف في الفن وضد الفنانات والمرأة تحديدا ويركبون من خلاله الترند والتوجيه الاجتماعي بإشاعة رأيهم فقط، وتفكيرهم ورؤيتهم فتسلّف المجتمع وتأخون من أسفله الاجتماعي ومن أعماقه، مثل اعتبار ارتداء الإيشارب للمرأة هو الدين الصحيح او الركن السادس له.

بل أن أغلب ـ إن لم تكن كل ـ صور كتب التربية الدينية بالمناهج حتى الجديدة التي طورها الوزير مؤخرا فالمرأة بها والطفلة ترتدي الايشارب حتى داخل منزلها

الكلمات التي يتضمنها منهج وكتاب الدين ويسمى في علم التربية «المنهج الخفي» وهي تقدم ما يمكن اعتباره تعريفا لنفس مضمون وكلمات ومنهج سيد قطب وحسن البنا وجماعته وكذلك لشعارهم الغامض لكسب الأتباع والرعية بدون فهم، وأقصد شعارهم «الإسلام هو الحل». والخطورة هنا هي الانتقال بتطبيق المنهج الإخواني كما جاء في أدبياتهم إلى التلاميذ بدءا من المرحلة الإعدادية، وهو ما كانت تطبقه الجماعة منذ بدايتها في معسكراتها ومساجدها، ولكن الآن يطبق على اتساع كبير. وتستمر الجماعة لمرحلة التمكين المجتمعي لآرائهم واستمرارهم في السيطرة الفكرية من خلال المناهج التعليمية والبدء بهذا السن الحرج، وكما تقول مقدمة الكتاب نفسه أنها مرحلة تكوين الذات للطلاب تجاه كل المفاهيم في الحياة.

ولكن الآن يتم ذلك وبدون تكلفة تذكر منهم! بل نحن من نمول وندفع لذلك من ضرائبنا التي تذهب لمؤسسة التعليم!

ونستمر في عرض الكتاب، ففىي صفحة ٢٧ يعيد التأكيد والتكرار لنفس الاقوال والكلمات ولكن مع التأكيد على أن العبادة في الإسلام ليست سبحة، وإنما هي اتباع كلمات الله في البيت والجامعة، وفى الحقل والمصنع!

(..)

ان طلابنا والمستقبل في خطر حقيقي من هذه المفاهيم والمنهج سواء الصريح منه أو الخفي، فهي تكرس لنمط وفكر الفرقة الناجية التي تملك الحقيقة الدينية المطلقة والفتوى والرأي، والتي نأخذها من شيوخ البرامج التليفزيونية وتعظيم دورهم هم فقط. ولابد أن تنتبه الجهات المعنية خاصة وأنه يتناقض تماما مع توجه الدولة المصرية الآن ومستقبلها ومدنيتها، فالتطوير في التعليم لا يكون عبر ـ وفقط بفيديوهات ـ في العلوم والرياضيات، وإنما العلم والتطوير الحقيقي يكون في تطوير وتكوين العقل نفسه الذي لا يقبل الحقائق المطلقة لشيوخ الفضائيات فقط..

Abridged from:

https://www.facebook.com/iman.raslan.7
Recent Posts

Leave a Comment