In In Arabic - بالعربي

د. شريف يونس ـ

أظن مصر حالة كلاسيكية لجنون اضطهاد الأغلبية (الأغلبية حاسة بالاضطهاد). أساس الموضوع إن التمييز الديني اللي مغروس بعمق في الفقه الإسلامي خلّى أي أقلية دينية طايفة، ودا وصل تقنينه لقمته في الدولة العثمانية لما عملت نظام رسمي للمِلَل. دا عمل فعليا ترابط بين أعضاء الأقليات حسب مذاهبهم المسيحية، تضامن في وش اضطهاد شايع ومنتشر في الهوا وملوش مسكة.

مصر بطبيعتها المنبسطة والمختلطة وبسبب إن تحديثها كان بدري نسبيا (من إيام محمد علي)، تعتبر حالة خفيفة من الطائفية. لا الأقلية متركزة في أماكن جغرافية، ولا ليها مهن معينة بتشتغل فيها، ولا هي مدينية حصرا، ولا حتى ليها عمليا وواقعيا مطالب برا فكرة “ذمية معتدلة” أو “محترمة”، ولا هي علمانية في اتجاهها الغالب علشان ينفع نقول إنها بتطرح نموذج مختلف منافس عن المجتمع. باختصار مفيش مشكلة من الناحية دي.

دا معناه إن طائفية الاتجاهات الإسلامية (عموما، مش بس الإسلام السياسي أو الأصولية) مش جاية من واقع وجود الأقلية المسيحية، ولا من طبيعة وجودها، جاية من طبيعة مشروع الإسلاميين نفسه، مشروع مستحيل، اللي هو إنهم يعملوا من المسلمين في البلد طايفة، ليها قيادة، أو كنيسة، اللي هي “الدولة الإسلامية”. لأنه صعب جدا جدا إن المسلمين يبقو طايفة لأنهم كتير جدا، أغلبية ساحقة، الإسلاميين (بالمعنى الواسع اللي قلته فوق) محتاجين نواية تتبلور حواليها الطايفة المستحيلة.

النواية دي تتعمل بمشروع “تطييف” الطوايف المسيحية بشكل مبالغ فيه، عشان تكون نواة تتجمع حواليها وضدها الطايفة المسلمة اللي بيتخيلوها. من هنا الإشاعات من نوع إن المسيحيين عندهم خطط خبيثة والكنيسة عندها موارد خفيه وخطيرة (فيه فسل من الإسلاميين الكيوت قال إن الأديرة مليانة أسلحة وفسل تاني قال إن البابا شنودة عنده إف 16- احتمال في أوضة النوم!)، وممكن تكون ليها علاقات بالخارج عشان مؤامرات وكدا.

باختصار، كل الادعاءات والأكاذيب دي وظيفتها في الآخر الضغط المستمر على المسيحيين بهدف بلورة طايفة مسيحية موحدة، علشان يتبلور حواليها جنون اضطهاد متخيل (الأقلية بتتآمر على الأغلبية، إلخ) وتقوم بوظيفة نواة المشروع المستحيل. الإسلاميين (بالمعنى الواسع) منبع رئيسي للشرور والأخطار اللي بتهدد البلد.

https://www.facebook.com/sherif.younis.11
Recent Posts

Leave a Comment