In In Arabic - بالعربي

محمد داود ـ المقال ـ

لا تجد عند غير المتعلمين عامة شدة التبجح الديني ـ فكر وسلوك ـ اللي عند “المتعلمين بتوع المدارس”. فيه تناسب طردي بين مستوى التعليم الرسمي وهذا التبجح..

درجة التشدد الديني في مصر حتى الإرهاب أكبر ـ في العموم ـ عند الفرد مع زيادة مستواه في التعليم الرسمي.

البرهان والشرح:

عامة المصري العادي، كده كده ملعوب في أساسات عقله بالتشكيل والإلحاح الديني لقرون طويلة، الجميع بيطلعوا الدنيا يجدوا في انتظارهم المفاهيم دي، اللي تنتمي للقرون الوسطى، وتعمل تحتيًا،.. مسألة رباية.

كان مفروض التعليم ينجَّر العقل، يأنسن البداوة دينية الأصل الراسخة بشكل تاريخي، وواخدة أشكال لا حصر لها من التعبيرات والسلوكيات والفلكلوريات؛ لكن ما حصلش، العكس هو اللي حصل،..

الهيمنة الدينية ع الحياة في مصر شملت التعليم وسخرته ـ زي كل شيء ـ لإعادة إنتاج نفسها، فأصبح مفيش خطاب تعليمي يؤدي أو يساهم في الانتقال من الرجعية للحداثة، بل فيه خطاب تعليمي ديني رجعي بيستف العقل بشكل ممنهج ع الأسس الدينية الصحراوية اللي انتهت بينا للتخلف.

الهم الأكبر والأعمق والأخفى للتعليم العام تظبيط الفرد كعضو مجند في العصابة العقائدية المفارقة للزمان والمكان، القايمة ع الخوف والكراهية، والمحتلة لمصر. بعبارة أوضح؛ التعليم في مصر، خاصة في المناهج، شغال لصالح الدين، ضد الحداثة، والإنسان، بل وفكرة الدولة كأحد أهم تمثلات العقل.. الدولة اللي فاتحة المدارس وحاطة المناهج، ومش عاجب (رجعيًا انت مهما تعمل مش كفاية، مفيش شكرانية، ومن هنا تفهم إن المتعلمين بتوع المدارس أشد سخطًا ونفاقًا).. الدولة عشان مستلبة دينيًا.. بفلوسها/فلوسنا بتربي عقول معادية..

بعبارة أحزن؛ بدل التعليم عندنا ما يقضي ع الانحطاط الديني أو ع الأقل يهذبه، بدل ما يعلم الإنسان إزاي يفكر بمنطقية، بدل ما يعلمه يعني إيه معرفة، وازاي يحصل على معرفة أقرب لما يوصف بالحقيقة، بدل ما يعلمه يقدَّر قيمة الحياة والفن والمرأة والبيئة والقانون.. إلخ بالعكس، التعليم عندنا بيقوي الرجعية الضاربة بجذورها في طين البلد دي مسافة ١٤٠٠ سنة رجعية، بيغذيه بالأكاذيب، والأوهام المعرفية، والخرافة البيور، كل ده بشكل منهجي سنة ورا سنة، درس ورا درس، وامتحان بعد امتحان من حضانة لثانوي، لحد ما يختم عليه بشهادة ثانوية وشهادات جامعية بما فيها الدكترة والهندزة،..

من هنا تجمد عين الزبون ـ اللي بشهادة جامعة بأه ـ في التبجح بالجهالات والسفالات.. يبقى جاهل لكنه على يقين من إنه عارف وبيفهم في الأشياء، لدرجة يبقى كاتب وأديب أدباتي أو ممثل فنان وبيفن ويقول لك «نفوق فرج فودة»، ويقول ممنوع اللمس. أو يسكت ويطرمخ قول يعرص للرجعية الدينية من خلال التركيز بشدة ساخطة (لا ترضى عنك حتى تتبع كراهيتها) ع السياسي دون المعرفي كأساس لمفاسد الواقع بهدف إبعاد الشبهة عن الدين كفاعل أصلي؛ حسب #نظرية_الحُشاشة

قيام التعليم أساسًا ع الحفظ والتلقين أول مظاهر الاستلاب الديني، دول مفهومين مدعومين ومطلوبين دينيًا بشدة.. الأشطر هو الأكثر حفظًا ومش شرط الأكثر قدرة ع التساؤل والنقد والتفكير المنطقي والحر والإبداعي، واحسب براحتك بأه كام طالب ثانوي من كل ألف هيكون عنده من قوة النفس والعقل والشخصية اللي يمكنه من نقد التظبيط المدرسي، وتجاوزه، كام من مل ألف يقدر يقف أعزل أمام ١٤٠٠ خوف، وكراهية، اتعمل منهم أشكال هائلة ضاغطة لاستلاب الإنسان.. تحزيمة شيطانية، ويقال ربنا اللي بيقول..

تصور كام واحد من كل ألف هيخشوا كلية الطب مثلًا هيروح يقرا ويعرف بنفسه مثلًا حقيقة الغزو العربي لمصر، ويتخلص من أكذوبة زي استنجاد المصريين بقدماء شبه الجزيرة العربية لإنقاذهم من بطش الرومان، أو حقيقة الغزو الهمجي العثماني،.. ودول معلومتين بيتحفظوا للأطفال ويمتحنوا فيهم، ضمن سيستم أكاذيب وتدليسات كتير، مبسطة ومغرضة ومتستفة _مدعومة بالتأسيس المتوارث_ بهدف التجنيد في العصابة، وتأكيد استمرار الاحتلال الديني الصحراوي لمصر باسم الله والدين..

قارن ده بالشخص اللي مش متعلم، آهو أقله مش عنده القدرة ع التبجح بادعاء المعرفة، ولو ادعى تقدر تسكعه قلمين يفوقوه، وغالبًا هيفوق عشان مش مدعوم بشهادة رسمي انه متعلم بتاع مدارس، وبيفهم الأشياء.

طبيعي جدًا يكون معظم خريحي التعليم الرسمي إخوان أو بيحترموهم، أو بيقولوا انهم مش بيحترموهم بالبؤ، بس هما زيهم وأكتر مثال الممثل البرميل بتاع نفوق فرج فودة..

Recent Posts

Leave a Comment