In In Arabic - بالعربي

كريمه كمال ـ المصري اليوم ـ

أعرب المجلس القومى لحقوق الإنسان عن تقديره الوضع الخطير الذى تتعرض له البلاد جراء الحرب على الإرهاب التى فُرضت على مصر، لكنه انتقد فى الوقت نفسه تعرض مواطنين لإجراءات أمنية وصفها المجلس بأنها تعسفية منها التوسع غير المبرر فى توقيف المواطنين العابرين فى الطرقات والميادين دون مسوغ قانونى ودون تمكينهم من الاتصال بذويهم ودون إبلاغهم بالتهمة المنسوبة إليهم، وهو ما يمثل عدوانًا على الحقوق التى كفلها الدستور ونص عليها القانون.

كان المجلس قد أعلن، فى بيان له، أنه قد رصد توقيف المواطنين أثناء سيرهم فى الشوارع وإجبارهم من قبل رجال الشرطة على الاطلاع على هواتفهم الشخصية وفحصها بما يخالف نصوصا عديدة فى الدستور تضفى حماية على حرمة الحياة الخاصة وتحصن مراسلات المواطنين واتصالاتهم. من المؤكد أن هذا كان موقفًا محمودًا من المجلس القومى لحقوق الإنسان ويأتى فى صلب دوره الذى عليه أن يلعبه فى مواجهة ممارسة أثارت الكثير من الغضب والاستياء، لكن الغريب هنا هو رد وزارة الداخلية على هذا البيان؛ حيث صرح مصدر أمنى مسؤول بوزارة الداخلية بأن ما جاء ببيان المجلس اعتمد على معلومات ومصادر غير موثوق بها تسعى لإحداث نوع من البلبلة والتوتر فى الشارع المصرى، وأكد اأن جميع حالات الضبط التى تمت خلال الأيام الماضية جاءت وفقا للقانون التى من بينها حالات التلبس التى تتيح لمأمورى الضبط القضائى تفتيش الأشخاص وما بحوزتهم من متعلقات منقولة كالهواتف المحمولة أو خلافه، وفقًا لصحيح القانون.

من المعروف للكافة أن الهواتف المحمولة كان يتم التفتيش فيها لكل من يعبر الشوارع فى منطقة وسط البلد بالذات. حدث هذا ليس للعشرات بل للمئات بحيث صار الجميع يتوقعون أن يتم إيقافهم لتفتيش هواتفهم حتى إن أحدهم كتب يقول «أمس كنت فى محيط وسط البلد مافيش شاب إلا وتليفونه بيتفتش والموضوع مش فى الخفاء دُول حاطين ترابيزات وقاعدين والمخبرين بيجيبوا التليفونات» فكيف لوزارة الداخلية أن تدعى أن هذا قد حدث فقط فى حالات التلبس؟ المفترض فى الرد أن يجيب عن التساؤلات المطروحة وهى لماذا تتم مثل هذه الممارسة؟ لماذا تخالف وزارة الداخلية الدستور والقانون وتفتش تليفونات المواطنين؟ ما كان مطلوبا فعلا هو تفسير مثل هذه الممارسة التى كانت تتم والتى مازالت تتم بالمناسبة دون أى مسوغ من دستور أو قانون.. ما هو غير مفهوم حقًا أن ترد الداخلية بادعاء غير حقيقى بالمرة وغير مقبول وغير مصدق.. هذه الممارسة تعرض لها المئات والثابت أنها كانت تتم للجميع وليس من ضبط فى حالة تلبس؛ فلماذا يأتى مثل هذا الرد الذى لا يقنع أحدا؟!

تفتيش الهواتف المحمولة فى الطرقات لكل من يمر هو محاولة تفتيش فى العقول محاولة تفتيش فى الفكر.. هو بكل المقاييس انتهاك للخصوصية.. هو انتهاك معلن لحرية الرأى والتعبير فماذا إذا ما تم العثور على ما يثير الريبة- من وجهة نظرهم- على تليفون أحدهم؟ بالطبع سيتم إلقاء القبض عليه بدون جريمة حقيقية تم ارتكابها اللهم إلا ما وجد على تليفونه من بوستات أو عبارات؟! فهل هذا كاف بالفعل للقبض على مواطن بل تعريض المئات من المواطنين للتفتيش بلا أى مبرر حقيقى؟! مثل هذه الممارسة وهى التفتيش فى التليفونات المحمولة لكل المارة أو أغلبهم- تتم للمرة الأولى وهى سابقة يجب رصدها والتوقف أمامها لأنها تشكل خصما من الحقوق الدستورية؛ لذا يجب ألا تستمر أو تمر دون أن يكون مفهوما.. إنها ممارسة مرفوضة بكل المقاييس.

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1433218

Recent Posts

Leave a Comment