In In Arabic - بالعربي

د. عماد جاد –
نشهد عشرات الوقائع في المدارس الحكومية التي تمثل انتهاكا للقيم الإنسانسة، قيم المواطنة والمساواة، بل تجاوزا في حق الدولة الوطنية عبر رفض تحية العلم باعتياره في عرف الجماعة وفكرها، صنم ، كان منطقيا وقوع هذه الأحداث في الحقب الماضية، ولكن غير المنطقي هو استمرار ذلك بعد ثورة الثلاثين من يونيو وتخلص الشعب بمعونة الجيش من حكم المرشد والجماعة، وطلبنا بعد 30 يونيو مباشرة بضرورة تنظيف مؤسسات الدولة وأجهزتها من خلايا الجماعة النائمة وشبه النائمة، تلك الخلايا التمواجدة بقوة داخل هذه المؤسسات والأجهزة وتعمل على تشويه الدولة المصرية وتعطيل مسيرة بناء دولة وطنية مدنية حديثة، وفي تقديري أن وزارات التربية والتعليم والبترول والكهرباء والحكم المحلي هي أكثر وزارات متخمة بخلايا الجماعة التي تمارس أعمالا تخريبية بحق البلد وتعمل على تشويه كل إنجاز يتحقق، وما مشهد جذب مديرة مدرسة طالبة من شعرها وسحلها إلا أحد مشاهد رد فعل مسئول حكومي على رؤية شخص مغاير أو مختلف عن الصورة التي يريدها.

والحقيقة أن ما يحدث في وزارة التعليم هو سياسة ممنهجة منذ تسلم السادات مقاليد السلطة عام ١٩٧٠، فقد حرص على إبرام صفقة مع جماعة الإخوان، قرر ذلك رغم أنه كان شاهدا على غدر الجماعة وخيانتها للرئيس جمال عبد الناصر، ولكن يبدو أن السادات رأى في التنظيمات اليسارية والناصرية، الخطر الرئيسي على نظامه، فقرر الاستعانة بجماعة الإخوان من أجل الحد من نفوذ وجماهيرية التيار الناصري وتأثير التيار اليساري لاسيما في الجامعات المصرية. سار السادات في هذا الطريق فأفرج عن قيادة الجماعة وكل المعتقلين من كوادرها، وسمح لمن هربوا إلى الخليج العربي بالعودة، وسلم للجماعة المسؤولية عن إدراة وزارة التعليم، ترك لهم مجال تنشئة الأجيال وحشو العقول المصرية، سلم لهم المسؤولية بالكامل. وفي نفس الوقت قام السادات بالتعاون مع محافظ أسيوط بوضع بذور الجماعة الإسلامية وأمدها بالمال وسلاح بهف ضرب التيارين الناصري واليساري في الجامعات المصرية.

استغلت الجماعة الموقف فقامت بالسيطرة على عملية تأليف الكتب المدرسية وتحديدا الخاصة باللغة العربية، المواد الاجتماعية من تاريخ وجغرافيا، وتدريجيا امتدت أيادي الجماعة إلى المواد العلمية ووضعت بصمتها عليها من خلال الحرص على فرض الفكر الأحادي على كل ما يرد ذكره من أمثلة وأسماء. أما مادة اللغة العربية فقد حولتها الجماعة إلى ” مادة دين” صحيح أن النشء في حاجة إلى تعلم لغة عربية سليمة، إلا أن الجماعة ورجالها حولوا مادة اللغة العربية الى مادة دينية، فمادة النصوص وتحديدا المقرر حفظه منها به نسبة لا تقل عن الثلث آيات قرآنية، والقصة المقررة على الأطفال عادة هي قصة إسلامية غير مصرية. وهناك من اجتهد من داخل الجماعة فاختار مواد ونصوص تحط من قدر الآخر، ومن ثم كان مطلوبا من التلاميذ المسيحيين أن يحفظوا نصوص تتصادم وعقائدهم، بل بعضها تقول لهم أن عقائدكم فاسدة، عليه أن يقرأ ذلك ويحفظه ثم يردده أمام المدرس والزملاء ويكتبه في الامتحان.

وسارت الجماعة أكثر عبر التواطوء على اسقاط الحقبة القبطية من مناهج التدريس، فيدرس الطالب الاحتلال الروماني لمصر قبل الميلاد ثم ينتقل إلى القرن السابع الميلادي مباشرة، ليقفز فوق الحقبة القبطية التي أمتدت لخمسة قرون على الأقل وكانت مصر تدين خلالها بالمسيحية. وإمعانا في الضغط على المصريين الأقباط كان هناك على الدوام في وزارة التربية والتعليم بل والتعليم العالي من يقرر كل عام اجراء امتحانات نصف العام في اليوم الأول من السنة الجديدة فلا يحتفل التلاميذ المسيحيون برأس السنة الميلادية، وأيضا إجراء الامتحانات في اليوم السابق مباشرة على عيد الميلاد واللاحق له، فيخوض التلاميذ المسيحيين الامتحانات في السادس والثامن من يناير من كل عام، فلا هم يحتفلوا بالعيد ولا أسرهم تتمتع بالاحتفال.

حان الوقت لمراجعة الموقف برمته من تاريخ الامتحانات بحيث تتم مراعاة المناسبات الدينية القبطية إلى مناهج التعليم التي يجري تدريسها وتحديدا في مادة اللغة العربية والمواد الاجتماعية وتنقية كل ما بها من تجريح في عقائد الآخرين وإساءة لمعتقداتهم، واستبدالها بمواد تكرس قيمة التنوع والتعدد، المساواة بين البشر ومبدأ المواطنة، ولابد من حسن اختيار القصص التي يتم تدريسها بحيث تزرع في نفوس الأجيال الجديدة قيم العمل، الوفاء،المواطنة، وتعمل على حفز قيمة التفكير الجدلي لا الحفظ والتلقي

https://www.facebook.com/emad.gad.5832/posts/2027280204037396

Recent Posts

Leave a Comment