In In Arabic - بالعربي

كارولين كامل ـ مدى مصر ـ

قبل ثلاثة أيام، اُقتحم عقار كان مكانًا لصلاة المسيحيين بقرية كفر الواصلين، في مركز أطفيح التابع لمحافظة الجيزة. وتمّ الاعتداء بالضرب على ثلاثة مواطنين مسيحيين متواجدين داخله.

وبينما تستمر تحقيقات نيابة جنوب الجيزة مع 15 متهمًا من مقتحمي «كنيسة الأمير تادرس» حُبس عيد عطية، صاحب الأرض التي أُسست عليها «الكنيسة»، لمدة أربعة أيام أمس، الأحد، بتهمة بناء عقار بدون ترخيص، بحسب الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحق إبراهيم.

وفيما يعتبر مقتحمو العقار من سُكّان القرية أنه كان مشروعًا يجب أن يتوقف لتأسيس كنيسة تُسمّى بـ «الأمير تادرس»، إلا أن بيانًا صدر، يوم الجمعة الماضي، عن مطرانية أطفيح للأقباط الأرثوذكس أوضح أن الصلاة كان تُقام به منذ 2001. وعقب صدور قانون بناء الكنائس، في سبتمبر من العام الماضي، تقدمت المطرانية بطلب رسمي لتقنين وضعه.

ويقول محامي المطرانية هاني سمير لـ «مدى مصر»: «فيما يخص الكنيسة فقد بُنيت في عام 2001 (على قطعة أرض يملكها عيد)، ثم بيعت من عيد إلى مطرانية أطفيح بعقد ابتدائي مُوقّع من الطرفين عام 2014. وقد أقرّت النيابة صحة التوقيعات على العقد».

كنيسة الأمير تادرس بعد الاقتحام ..الصورة من صفحة عضمة زرقا على موقع فيسبوك – المصدر: صفحة عضمة زرقا على فيسبوك

كانت نيابة جنوب الجيزة قد استمعت، يوم السبت الماضي، إلى شهادة ثلاثة من المواطنين المسيحيين في قرية كفر الواصلين ممَن شهدوا واقعة اقتحام «كنيسة الأمير تادرس». وكان الثلاثة تعرضوا لاعتداءات بالضرب من قِبل مهاجمي الكنيسة كذلك. وفيما غادر اثنان منهم مقر التحقيق مساء أمس الأول، احتجزت النيابة المواطن عيد عطية لحين وصول تحريات الأمن الوطني عنه، وحول طبيعة العقار، بحسب هاني سمير محامي المطرانية. وذلك قبل أن يصدر القرار بحبسه بتهمة البناء دون ترخيص ، في وقت متأخر من يوم أمس، الأحد.

وسبق أن حققت النيابة، أمس الأول، مع 6 متهمين، ووجهت لهم تهمًا بالتجمهر، والبلطجة، وإتلاف ممتلكات الغير، وضرب المجني عليهم، ودخول عقار مسكون بقصد ارتكاب جريمة، فضلاً عن استغلال الدين في إثارة الفتن الطائفية، بحسب جريدة «المصري اليوم». في حين أصدرت نيابة جنوب الجيزة قرارها، في وقت متأخّر من اليوم نفسه، بحبس 15 متهمًا أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بحسب جريدة «الشروق».

لكننا سمعنا جرسًا

بدأت أحداث الاقتحام حسبما وصفتها «مطرانية أطفيح» بأن «مئات الأشخاص تجمهروا أمام المبنى بعد صلاة الجمعة، مرددين هتافات عدائية، مطالبين بهدم الكنيسة، ثم قاموا باقتحام المكان، وتدمير محتوياته، بعد أن تعدوا بالضرب على المسيحيين المتواجدين بها»، بحسب بيان نشرته يوم الجمعة الماضي.

فيما قال أسقف أطفيح الأنبا زوسيما، في لقاء تليفزيوني أول أمس مع قناة «مي سات»، إن الكنيسة، منذ إنشائها في 2001، تُقام بها الصلوات بشكل مستمر، مضيفًا أن هناك نحو 350 أسرة مسيحية بالقرية.

وتابع الأنبا زوسيما قائلًا إنه الكنيسة تُقيم قداس السبت بانتظام، منذ العام الماضي، ويحضره ما بين 200 إلى 500 شخص، مؤكدًا على أن المطرانية تقدّمت بأوراق لتقنين أوضاع الكنيسة عقب إقرار قانون بناء الكنائس، في سبتمبر من العام الماضي، وتشكيل لجنة لتوفيق الأوضاع.

فيما ينفى أحمد عمارة، المدرس في المعهد الديني بالقرية، أن تكون الصلوات تُقام بالمكان منذ 16 عامًا. ويقول لـ «مدى مصر»: «هذا الكلام عارٍ من الصحة. صحيح فيه قسيس بيجي لهم يوم السبت، بس ده من سنة واحدة بس. وإحنا عارفين أنها مش كنيسة دي جمعية كدة بتوزع حاجات على الفقراء. وكمان من 6 شهور سمعنا أن البيت بيتعمل جواه كنيسة، ولمّا سألنا صاحب المبنى قال لنا إنه عامله عشان يجوز فيه عياله».

يمتلك أحمد عمارة قطعة أرض مجاورة للعقار، ويقول: «ما ينفعش كنيسة تتعمل في وسطنا عادي كده. يا ريتهم حاولوا يعملوها في منطقة بعيدة.. كان يبقى مقبول. لكن (يبنوها) في منطقة مأهولة بالسكان وفيها جامع كبير ومعهد أزهري، دي حتى تبقى وحشة في حق الناس اللي عايشه هناك أن يكون فيه كنيسة في الحيز العمراني».

فيما يروي شهود عيان لـ «مدى مصر» أن ما أثار غضب المسلمين بالقرية هو ما سمعوه عن تركيب جرس بالكنيسة. بينما أكد الأنبا زوسيما على أن المبنى المُكوّن من طابقَيْن بدون منارة، ولا يوجد به مكان لتركيب جرس، بحسب تصريحاته التليفزيونية أول أمس.

من جانبه، يقول رامي كامل، مدير مدير «مؤسسة شباب ماسبيرو للتنمية»، إن الأمن يمارس لعبة «سيب وأنا اسيب» للضغط على المسيحيين، في إشارة لصدور قرار بحبس عيد عطية لمدة أربعة أيام بتهمة بناء دون ترخيص.

أما إسحق إبراهيم، الباحث المسؤول عن ملف «حرية الدين والمعتقد» بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فيقول لـ «مدى مصر»، إن ما جرى في أطفيح بات يتكرر كثيرًا، في الفترة الماضية، وذلك كلما شَعَرَ سُكّان القرى بأن أي مكان لصلاة المسيحيين سيتمّ تقنين وضعه. ويضيف أن ما كان يجري، بعد صدور القانون، أن يتمّ إغلاق «مكان الصلاة» إلى أجل غير مسمى بحجة عدم صدور قرار بتقنين وضعه.

ويوضح الباحث أن 22 اعتداءً وهجومًا على أماكن مخصصة لصلاة المسيحيين حَدَثَ منذ صدور قانون بناء الكنائس، في سبتمبر من العام الماضي. مضيفًا أن ما كان يجري، بعد صدور القانون، هو يتمّ إغلاق «مكان الصلاة» إلى أجل غير مسمى بحجة عدم صدور قرار بتقنين وضعه.

صلح عرفي.. لن نصالح

يتمسك أحمد عمارة بسماعه لأصوت دق جرس يتصاعد من العقار. ويقول لـ «مدى مصر» إنه سمع الجرس قبل أيام من الهجوم.

كان الأهالي قد تبادلوا دعوات عبر فيسبوك، والهواتف المحمولة، للاحتشاد عقب صلاة الجمعة أمام مبنى الكنيسة، حسبما يؤكد عمارة. ويضيف أن «الأمن وافق على خروج الأهالي»، على حد تعبيره.

بدوره، يقول عيد عبد الشهيد، أحد سكان القرية، لـ«مدى مصر» إن مسيحيي القرية أبلغوا الأمن عن دعوات التظاهر أمام الكنيسة قبل واقعة الاقتحام بنحو أسبوع، مضيفًا «بالفعل تواجد أفراد من أمن الدولة والمركز وخفر العمدة (أمام الكنيسة)، لكن قبل انتهاء صلاة الجمعة بخمس دقائق انسحبوا كلهم، وتركوا الكنيسة للمتجمهرين، وكاميرات الكنيسة مصورة كل ده».

وكان الأنبا زوسيما قد أكد على معرفة الأمن بدعوات الاحتشاد والتجمهر أمام الكنيسة. ويتابع عبد الشهيد أن الإسعاف لم يتمكن من الوصول إلى مقر الكنيسة لنقل المصابين الثلاثة، إلا بعدما قام الأمن بتفريق المتظاهرين.

من جهته، يؤكد المحامي هاني سمير على رفض المطرانية لإجراء جلسة صلح عرفية.  بينما يروي عيد عبد الشهيد لـ «مدى مصر» أن عددًا من مسلمي القرية عرضوا أمس، السبت، على مسؤولين بالمطرانية إجراء  جلسة صلح عرفية، إلا أن العرض تمّ رفضه.

ويقول رامي كامل : «عرض النائب البرلماني عبد الوهاب خليل تنظيم جلسة عرفية يتنازل فيها الأقباط إلا أن الكنيسة رفضتها فمارس النائب ضغوطًا وصلت لحد أن قال ان المسلمين سوف يتخذون رد فعل أشد عنفًا في حال تعرض احد أبناء القرية للحبس».

لكن المحامي هاني سمير، يقول لـ «مدى مصر» إنه لا يستبعد قبول المسيحيين بالقرية لجلسة صلح عرفية للتنازل عن البلاغات المقدمة ضد المتهمين باقتحام الكنيسة خاصة مع وجود ما وصفه بـ «التضييق على المسيحيين في القرية». ويضيف أن ذلك لن يمنع النيابة من استكمال التحقيقات، خاصة مع وجود تسجيلات للواقعة، بحسب قوله. بينما يقول أحمد عمارة: «حتى لو تمّ صلح بين الأهالي، لا يمكن يقبلوا بوجود كنيسة بينهم».

وعن تعامل الأمن مع المتظاهرين يقول أحمد عمارة لـ «مدى مصر»: «الأمن سابنا واقفين عادي، والناس خرجت من صلاة الجمعة، (والأمن كان) عارف أنهم رايحين على الكنيسة، وطبعًا في الطريق كل ما يشوفوا حد يقولوا له تعالَ معانا، سواقين توك توك أو ناس راجعة من الأرض وكده يعني، بس على 11 بالليل فوجئنا أن الأمن قبض على شوية من الناس اللي كانوا موجودين ممكن يكون الشباب اللي اتهور وعمل شوية تخريب».

وبحسب تصريحات الأنبا زوسيما، يتضح أن «أقرب كنيسة للمكان ده تبعد كيلومترات. والشعب من قرية كفر الواصلين عشان يروح يصلي هناك لازم يمشي وده مشوار.. ومفيش مواصلات متاحة تنقلهم غير التوكتوك. يعني هيدفع عشرة جنيه رايح وعشرة جنيه راجع.. وده مبلغ بالنسبة لهم يعني هيروح يصلي بعشرين جنيه، وعشان أطفاله ومراته يعني يروح يصلي بـ 100 جنيه».

https://www-madamasr-com.cdn.ampproject.org/c/s/www.madamasr.com/ar/2017/12/25/feature/سياسة/المتسب%D9%90ّب-في-اقتحام-كنيسة-الأمير-تاد/amp/

Recent Posts

Leave a Comment