خالد منتصر ـ المصري اليوم ـ
بداية أطمئنك بأن هذا عنوان مزيف، فجامعة الفاتيكان ليس فيها كلية طب!، لكنى كنت أقيس مدى دهشتك واستنكارك، كيف لجامعة دينية أن يكون ضمن كلياتها كلية تدرس الطب أو الهندسة!، في نفس الوقت الذى تحتفى فيه أنت بمؤسسة دينية عندنا فيها كليات طب وهندسة لا يلتحق بها إلا المسلم، وتندهش من أنني قد طالبت بألا تحتوى جامعة الأزهر على كليات مدنية كالطب والهندسة والعلوم… إلخ، والحجة بأن هذا قرار الرئيس عبد الناصر في بداية الستينيات، حجة مردود عليها بأن قرارات الزعيم ليست مقدسة، وهناك عشرات القرارات تم التراجع عنها، يكفى أن نتساءل عن قرارات الاشتراكية، أين هى الآن؟، فلماذا التراجع عن هذه، والتمسك بتلك؟،
والحل هو أن تتبع كل تلك الكليات وزارة التعليم العالي، ويدخلها المسلم والمسيحي، لأنه غير إنساني قبل أن يكون غير دستوري، أن يدخل شخص ولن أقول مواطن، لأن ما يحدث هنا ضد مفهوم المواطنة، يدخل كلية طب بمجموع أقل من زميله، لأن الأول اسمه محمود والثاني اسمه جرجس!، وعندما طرحت هذا الموضوع في برنامج الصديق الإعلامي حمدي رزق، رد على طرحى بعض الشيوخ وقالوا إشمعنى جامعة (Gregorian Pontifical University) ، وأحب أن أسرد بعض المعلومات عن تلك الجامعة الكاثوليكية الموجودة في روما منذ ١٥٥١ م، والتي تدرس فقط العلوم الدينية واللاهوت ولا توجد فيها كليات طب ولا هندسة… إلخ، إذن ما يقال ويشاع هو للأسف كلام كاذب تماماً، والمدهش أنها وهى جامعة لاهوتية لا تقدم إلا كل ما يرتبط بالدين فقط، فهي تقبل أتباع أي ديانة للدراسة!!، لأن التمييز في تلك المجتمعات جريمة لا تغتفر، بل هي أعظم الجرائم، الجامعة منفتحة تماماً على التعدد الديني وتدعم دراسات متعددة تعزز التفاهم بين الأديان، أذكر من ضمن المسلمين الذين تخرجوا في تلك الجامعة الدكتور عارف على النايض (Aref Nayed Ali ) وهو أستاذ وعالم إسلامي ليبي، درس اللاهوت المسيحي في جامعة الجريجوريانا، كما عمل أستاذاً في معهد الدراسات العربية والإسلامية البابوي في روما.
الغرض النبيل الذى يطرح دائماً كفزاعة في وجوه المعترضين هو أن عبد الناصر كان يريد تخريج أطباء ومهندسين مسلمين ينشرون الإسلام!، والسؤال الذى يطرح نفسه: هل الطبيب المسلم المتخرج في جامعة القاهرة أو عين شمس ليس مسلماً بالمواصفات القياسية الأزهرية؟، وهل دور الطبيب أن ينشر الإسلام أم أن دوره هو منع انتشار المرض؟!، هل دوره أن يكون واعظاً، أم أن دوره هو المعالج للأمراض؟، هل موقعه المنبر أم المعمل، المسجد أم المستشفى؟، وإذا صرخ أحدهم هؤلاء نربيهم كي يواجهوا الإرهاب بوسطيتهم، سنقول لهم انظروا إلى السي في لزعيم خلية حسم الإرهابية، إنه خريج طب الأزهر!، انظروا إلى خلية اغتيال النائب العام معظمهم من كليات الأزهر!
مؤسسة الأزهر من أهم أدوات القوى الناعمة، وله تاريخ وطني مشرف منذ ما قبل عصر محمد على، وتخرج فيه زعماء مستنيرون مثل الطهطاوي ومحمد عبده وعبد المتعال الصعيدي، فليظل في مجاله في التعليم الديني والمعارف الدينية، ومع العدد الذى تحتاجه مصر، وهنا سيؤدى دوره التعليمي مثلما كان دائماً على أفضل وجه، ولنتذكر أن المواطنة وقبول الآخر بل والترحيب به هو المعيار الأول للدولة المدنية الحديثة.
_________________________